مقال

معالم التمايز بين رسول الله وبين الناس

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن معالم التمايز بين رسول الله وبين الناس

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

اليوم : الثلاثاء الموافق 14 نوفمبر 2023

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما، أما بعد يصور لنا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم رحمة الله بصورة باهرة أخاذة، حينما رأى أما تضم طفلها إلى صدرها في حنان بالغ، ورحمة بالغة، فالتفت إلى أصحابه وقال لهم “أترون هذه طارحة ولدها في النار ؟ قال أصحابه لا والله يا رسول الله، قال لله أرحم بعبده من هذه بولدها” والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم حطم كل معالم التمايز بينه وبين الناس، فذات يوم تقدم منه أعرابي في غلظة وجفوة، وسأله مزيدا من العطاء، وقال اعدل يا محمد، ويبتسم عليه الصلاة والسلام، ويقول له “ويحك يا أعرابي من يعدل إن لم أعدل” رواه مسلم.

فإن الطمأنينة التي دفعت هذا الأعرابي إلى هذا الموقف المسرف في الجرأة، هذه الطمأنينة وحدها تصور عدل النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فما كان هذا الأعرابي قادرا على أن يقول مقالته تلك لو كان محمد صلى الله عليه وسلم أقام بينه وبين الناس حجبا، وبث في نفوسهم الخشية والرهبة، لكن هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم حطم كل معالم التمايز بينه وبين الناس، وحينما دخل عليه رجل غريب يختلج، بل يرتجف من هيبته، استدناه وربت على كتفه في حنان وفرط تواضع، وقال له قولته الشهيرة “هون عليك فإني ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد بمكة” رواه ابن ماجه، فلقد هيأه تفوقه صلى الله عليه وسلم ليكون واحدا فوق الناس، فعاش واحدا بين الناس، فيسأله أعرابي يوما، في بداوة جافة. 

يا محمد هل هذا المال مال الله أم مال أبيك ؟ ويبتدره عمر يريد أن يؤنبه، فيقول عليه الصلاة والسلام” دعه يا عمر إن لصاحب الحق مقالا ” وانطلاقا من قيم العدل التي آمن بها صلى الله عليه وسلم، ودعا إليها، يبين عليه الصلاة والسلام ويقول “كل المسلم على المسلم حرام ماله ودمه وعرضه” رواه مسلم، وأن لزوال الدنيا جميعا أهون على الله من دم سفك بغير حق” رواه البيهقي، ولو أن إنسانا استطاع بطلاقة لسانه وقوة حجته أن ينتزع من فم النبي صلى الله عليه وسلم حكما، ولم يكن محقا فيه لا ينجو من عذاب الله، فيقول عليه الصلاة والسلام “إنكم تختصمون إلى ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض فمن قضيت له بحق أخية شيئا بقوله فإنما أقطع له قطعه من النار فلا يأخذها” متفق عليه.

فإن النبى محمد صلى الله عليه وسلم محب ودود، أطاع الله كثيرا، لأنه أحبه كثيرا، بر الناس كثيرا، لأنه أحبهم كثيرا، أحب عظائم الأمور، وترك سفسافها ودنيها، أحب عظائم الأمور، ومارسها في شغف عظيم ممارسة محب مفطور، لا ممارسة مكلف مأمور، لقد سجد، وأطال السجود، وسُمع وجيب قلبه، ونشيج تضرعه وبكائه، لأنه في غمرة شوق جارف، ومحبة أخاذة، كان ينتظر الصلاة على شوق، فإذا دخل وقتها قال” أرحنا بها يا بلال ” رواه أبو داود، فيقول صلى الله عليه وسلم “أرحنا بها لا أرحنا منها، وهذا هو الفرق بين الحب والواجب، وقيل ذات يوم كان في الطائف يدعو قومها إلى الله، فقابلوه بالتكذيب والسخرية والإيذاء، وأغروا به سفهاءهم، وألجؤوه إلى حائط، رفع رأسه إلى السماء، وناجى ربه.

فقال “يا رب، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، ولك العتبى حتى ترضى، لكن عافيتك أوسع لي” رواه الطبراني، أي إنه لا يخشى العذاب والألم إلا إذا كان تعبيرا عن تخلي الله عنه، ثم أدرك النبى صلى الله عليه وسلم أنه لا ينبغي للمحب الصادق أن يشغله استعذاب التضحية عن رجاء العافية، فيستدرك ويقول “لكن عافيتك هي أوسع لي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى