مقال

العفة والغيرة على الأعراض

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن العفة والغيرة على الأعراض
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 1 ديسمبر

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد إن من نخوة العرب وغيرتهم أنه كان من عادتهم إذا وردوا الماء أن يتقدم الرجال والرعاء ثم النساء إذا صدرت كل الفرق المتقدمة، فمن تأخر عن الماء حتى تصدر النساء فهو الغاية في الذل، وكان من مظاهر الغيرة عند العرب ستر النساء ومنعهن من الظهور أمام الرجال، ويقول الأفوه الأودي نقاتل أقوما فنسبي نساءهم ولم ير ذو عز لنسوتنا حجلا، على أنهم كانوا يفخرون بغض البصر عن الجارات.

ويعتبرون ذلك من العفة والغيرة على الأعراض، وما أجمل قول عروة ابن الورد وإن جارتي ألوت رياح ببيتها، تغافلت حتى يستر البيت جانبه، وقول عنترة بن شداد وأغض طرفي ما بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها، ولقد كانوا بحق حراس أعراضٍ وحماة فضيلة بصدق على الرغم من جاهليتهم الجهلاء، فجاء الإسلام العظيم بنوره الوضاء لهذه الأخلاق الفاضلة العالية مهذبا ومزكيا فنبي الرحمة عليه الصلاة والسلام بعث ليتمم صالح الأخلاق، ويقوّم ما انحرف منها، ويسمو بها وبأمثالها، ولقد حمد الإسلام الغيرة، وشجع المسلمين عليها، ذلك أنها إذا تمكنت في النفوس كان المجتمع كالطود الشامخ حمية ودفاعا عن الأعراض، ولذلك قيل كل أمة وضعت الغيرة في رجالها.

وضعت الصيانة في نسائها، والمؤمن الحق غيور بلا شطط يغار على محارم الله أن تنتهك، وفي الحديث أن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال كلاما بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم دل على غيرته الشديدة فقال صلى الله عليه وسلم ” أتعجبون من غيرة سعد، لأنا أغير منه، والله أغير مني ” ويقول صلى الله عليه وسلم ” لا أحد أغير من الله، ولذلك حرم الفواحش، ما ظهر منها وما بطن” رواهما البخاري، ويقول صلى الله عليه وسلم ” إن المؤمن يغار والله أشد غيرا ” رواه مسلم، ومن أجل حراسة الأعراض أمر الإسلام بعدد من الأوامر والنواهي، ليحفظ للمجتمع طهره ونقاؤه، ويكون المجتمع المسلم نظيفا من الآفات سليما من المكدرات، فمن وسائل حفظ الأعراض وحراستها هو الحجاب.

فالحجاب هو دليل على الفضيلة وقائد إلى الحشمة وحماية للمجتمع من الفاحشة والرذيلة، فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من فتنة النساء ولا سبيل إلى الحد منها إلا بالحجاب والقرار في البيوت فقال عليه الصلاة والسلام ” ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ” متفق عليه، وعند الإمام مسلم أنه قال ” فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن فتنة بني إسرائيل في النساء ” ولذلك فرض الله على المسلمات ستر مفاتنهن، وعدم إبداء زينتهن، والحجاب والجلباب هو دليل على توقير المرأة وهيبتها فإن المرأة المحجبة مهابة موقرة في مأمن من الإيذاء وتطاول الفسقة وإيذاء السفهاء وقال صلى الله عليه وسلم ” المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان” رواه الترمذي، وكما أن الحجاب حصن حصين للمرأة يحميها من الأعين الجائعة، والقلوب المريضة، فالمحجبة لا تتسابق النظرات الجارحة إليها، ولا تواجه أذى الفساق، لأنها حفظت أوامر الله تعالى فحفظها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى