مقال

المرجع والمآب في تحديد مسمى المصلحة

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن المرجع والمآب في تحديد مسمى المصلحة
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد الله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، أشهد ألا إله إلا الله الحليم الكريم، رب السموات السبع ورب الأرض رب العرش العظيم، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وخلفائه وأتباعه إلى يوم الدين، أما بعد، إن أحكام الشريعة الإسلامية قائمة في جملتها، وتفصيلها على ما تقتضيه مصالح العباد ومصلحة الإسلام هي كل ما ينسجم مع فطرة الإنسان الصافية الأولى، سواء من حيث كونه فردا مستقلا بنفسه، أو من حيث كونه عضوا في الجماعة الإنسانية وليس من خلاف بين الباحثين أن الناس يختلفون في ميولهم، وعاداتهم، وما غذتهم به مجتمعاتهم من مبادئ، وأفكار، واعتقادات، فما أراه أنا فضيلة قد يكون في ميزانك، واعتقادك منقصة ورذيلة.

والذي تنجذب أنت إليه، قد أنفر أنا منه، وأبتعد عنه ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة، ولا يزالون مختلفين ومن أجل ما ذكرنا كانت نصوص الشريعة الإسلامية هي وحدها المرجع والمآب في تحديد مسمى المصلحة، وضبط جزئياتها، لأن الله تعالى هو أدرى بمصالح عباده، وبمكامن الخير لهم، ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير، إذن الشريعة هي المحكمة في تفسير جزئيات المصلحة التي في قاعدة ” حيثما وجدت المصلحة فثم شرع الله” ومن ذلك أيضا ما يُعرف بأحكام الإمامة والسياسة الشرعية، وهو أن يتيح الإسلام للإمام الحق في الاختيار بين عدة أمور في قضية معينة بما يحقق المصلحة لعامة المسلمين، ولقد كان عبد الله بن عمرو في فترة شباب فقال إن لي قوة، وهو أصلا يستغل شبابه في قيام الليل وصيام النهار.

ولما أراد الرسول صلى الله عليه وسلم منه أن يعتدل في عبادته قال إن بي قوة، فقال صلى الله عليه وسلم ” فصم صوم داود عليه السلام، صم يوما وأفطر يوما” وفي رواية ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم الصوم، فقال صم من كل عشرة أيام يوما ولك أجر التسعة، قلت إني أقوى من ذلك، قال فصم من كل تسعة أيام يوما ولك أجر الثمانية، فقلت إني أقوى من ذلك، قال فصم من كل ثمانية أيام يوما ولك أجر السبعة، قلت إني أقوى من ذلك، قال فلم يزل ويعني يتدرج معه حتى قال “صم يوما وأفطر يوما” يعني من كل يومين يصوم يوما، وفي رواية أن عبد الله قال “فإني أطيق أفضل من ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا أفضل من ذلك” والحديث في تكملته أنه صلى الله عليه وسلم لما وصف صيام داود قال “ولكنه كان لا يفر إذا لاقى”

كان لا يفر إذا لاقى، يعني لم يكن هذا الصوم ليعجزه، ولا ليضعفه عن الجهاد، فإذا كان صيام يوم وإفطار يوم سيجعلك تضعف عن القيام بالوظائف الأساسية، بيتك، وأهلك، وعملك، وصلاتك، وجهادك، وطلبك للعلم، فإنك قد انشغلت بمفضول عما هو أفضل منه، هذا شرط صيام يوم وإفطار يوم، وأوصي باغتنام الصحة لأن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراها إلا المرضى، كم من أناس أصحاب أموال ضخمة ويتمني أن تؤخذ منه كل ثروته وترد عليه صحته، والصحة من أعظم نعم الله على الإنسان، اذ الحياة والسعادة مرتبطة بالصحة ودوامه، لذلك أولى الإسلام الاهتمام الكبير بالصحة وحث على العناية بها ذلك لابتغاء مرضاة الله ونيل سعادة الدنيا والآخرة.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة أن يقال له ” الم نصح لك جسمك ونروك من الماء البارد” رواه الترمذي وابن حبان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى