مقال

تقبل الآخر وعدم كراهيته

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن تقبل الآخر وعدم كراهيته
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأثنين الموافق 4 ديسمبر

الحمد لله رب العالمين الذي جعل هذه الحياة دار تكليف وفناء، والآخرة دار جزاء وبقاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وعد عباده المتقين بالجزاء الأوفى، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله العبد المصطفى، اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أهل البر والتقوى، أما بعد إن مما يزهد المؤمن في الدنيا ويبين حقارتها أن الله بسطها للكفار وفتح لهم زهرة الدنيا وعجل لهم طيباتهم في الدنيا، وحال المؤمن في الدنيا كالسجين لأنه متقيد بأوامر الشرع ونواهيه لا يتصرف وفق هواه ودنياه مهما بلغت تعد سجنا بالنسبة لما ينتظره من النعيم في الآخرة أما الكافر فحر يتصرف كيف يشاء ويفعل ما يريد لا يتقيد بدين ودنياه مهما قلت تعد جنة بالنسبة لما ينتظره من العذاب في الآخرة.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ” الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر” رواه مسلم، ومما يبين حقارتها سرعة انقضائها وفناء لذاتها وأنها زائلة عما قريب ولا يخلد فيها المؤمن، فنعيم الدنيا قليل منقطع ونعيم الآخرة كثير دائم، وإن من أعظم أخطار التعلق بفتنة الدنيا والجري الشديد وراء زخرفها والتفات القلب لزينتها وقوع التنافس المذموم بين المسلمين أفرادا ودولا مما يورث التنازع والتحاسد والعداوة والبغضاء والتفرق من أجل الصراع على الرئاسات والأموال والمصالح الشخصية حال انفتاح زهرة الدنيا وكثرة الغنى كما حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك، أما حال الفقر وضيق الحال فالفتنة والتنازع أقل لعدم وجود ما يدعو للتنافس والتدابر ولذلك تكون النفوس غالبا قريبة ومتعاونة ومتصالحة ومتسامحة.

والمؤمن الحق يجعل همه واهتمامه منصب على عمل الآخرة فيحرص على اغتنام وقته في الصالحات والمسابقة في الخيرات ولا ينسى نصيبه من الدنيا فيأخذ منها ما يبلغه ويصلح شأنه ولا يجعل الدنيا هي الأصل في قلبه ويجعل الآخرة في الهامش وقال سفيان الثوري خذ من الدنيا لبدنك وخذ من الآخرة لقبك، واعلموا يرحمكم الله إن الحب هو العلاقة التي تربط الإنسان بالناس من حوله، وهو أيضا ما يساعد على تعاون الناس مع بعضهم البعض عن طريق تقبله لبعضهم البعض وهو العلاقة التي تشكل الأساس الذي تنطلق منها كافة العلاقات في العالم، فمن كره شخصا لم يستطع التفاعل معه نهائيا، لهذا فالحب أو على الأقل تقبل الآخر وعدم كرهه، حتى ولو يكن هناك حب متبادل، قد يبقي العلاقة بين الناس على بر الأمان.

وفي ظل الصراعات المريرة التي تشهدها البشرية في العصر الحديث فمن الواضح أن الحل هو في حب الإنسان لأخيه الإنسان، وهذا الحب يجب أن ينطلق من منطلق واسع يسع الجميع ويدخل الكل في بوتقة واحدة، بغض النظر عن العرق والجنس واللغة والدين وكل هذه المميزات والمحددات التي تحدد البشر جميعا، إذ يجب على كل البشر أن يدركوا تمام الإدراك أنهم أخوة لبعضهم البعض، فمن الواضح أن الإنسان إن أدرك هذا الأمر، سيعمل قدر الإمكان على أن يحب الآخرين، فالأخوة يختلفون ولكنهم لا يتكارهون، كما ويتوجب أن يعي الجميع ضرورة إبعاد العنصريين عن الواجهة، وأن يحاولوا تقزيمهم واحتقارهم حتى لا تقوم لهم قائمة بعد ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى