مقال

الدكروري يكتب عن جنة الخلد

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن جنة الخلد
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن نبينا ورسولنا محمدا عليه الصلاة وأتم التسليم، أما بعد إن جنة الخلد كما ورد هي جنان مساحاتها واسعة جدا، ولعل آدم قد عاش فترة مكثه بالجنة بالقسم المخصص له في الجنة التي سينالها في الآخرة، وهذا ليس ببعيد لأن المسلم يعطى مساحة من الجنة تزيد عن مساحة الأرض أضعافا، فما بالنا بالأنبياء؟ كما أن الجنة فيها أماكن عامة وأخرى خاصة، كحالة الدنيا التي فيها مساكن خاصة، ومساجد، وأسواق، وحدائق عامة، وفي الحديث الذي يرويه الإمام مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه “إن في الجنة لسوقا يأتونها كل جمعة، فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم، فيزدادون حسنا وجمالا.

فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنا وجمالا، فيقول لهم أهلوهم والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا، فيقولون وأنتم والله لقد ازددتم حسنا وجمالا” وفي الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها” رواه البخاري، فهي في مكان عام، وفي الحديث الذي أخرجه مسلم ” سيحان وجيحان والفرات والنيل كلها من أنهار الجنة” وهذه الأنهار كما ورد في الحديث الصحيح تنبع من الفردوس، وتجري في الجنان كافة، وعندما سألت أم حارثة النبي صلى الله عليه وسلم عن مصير ابنها الذي استشهد في بدر وهو غلام، قال لها النبي صلى الله عليه وسلم “يا أم حارثة، إنها جنان، وإن ابنك قد أصاب الفردوس الأعلى”

فهذا مثل عن الأماكن العامة في الجنة فآدم عندما كان في الجنة لم يسكنها كلها، وإنما كان في الجزء المخصص له، خصوصا وأن إقامته في الجنة كانت ساعة من نهار، صحيح أنها تعدل من سنين الدنيا كما ورد مائة وثلاثين يوما، لكن يبقى الزمن حسب المكان أي بالنسبة لآدم لم يكمل فيها يوما، وهذا يرجح أنه أقام في مكان محدود، فالجنة أوسع من أن يجول فيها كافة، وأكبر من أن ينالها شخص واحد، فلو قارنا هذا بقصر كبير في الدنيا، فهل بإمكان شخص واحد أن يستعمل كافة غرف القصر ومرافقه أم أنه سيستعمل جزءا منه؟ وأما ما كان خاصا، فقد أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال ” بينما أنا نائم رأيتني في الجنة، فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر، فقلت لمن هذا القصر؟

قالوا لعمر، فذكرت غيرته، فوليت مدبرا” فبكى عمر، وقال أعليك أغار يا رسول الله، وفي رواية “فأردت أن أدخله فأنظر إليه، فذكرت غيرتك” كما أخرج الإمام مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة، طولها ستون ميلا، للمؤمن فيها أهلون، يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم من بعض” فهذا للمؤمن، فكيف تكون المساحة للنبي صلى الله عليه وسلم؟ وأخرج الإمام أحمد في مسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” إنني لأعرف آخر أهل النار خروجا من النار، رجل يخرج منها زحفا، فيقال انطلق فادخل الجنة، قال فيذهب يدخل فيجد الناس قد أخذوا المنازل، قال فيرجع، فيقول يا رب، قد أخذ الناس المنازل، قال فيقال له أتذكر الزمان الذي كنت فيه؟

فيقول نعم، فيقال له تمن، فيتمنى، فيقال إن لك الذي تمنيت وعشرة أضعاف الدنيا، فيقول أتسخر بي وأنت الملك؟ قال الراوي فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه، وفي رواية “عبدي، أيرضيك أن أعطيك من الجنة الدنيا ومثلها معها” هذا الخاص بهذه المساحة لهذا العبد الذي غلبت سيئاته حسناته فعُذب بالنار، ثم خرج منها، فكيف تكون الجنة التي خصصت لآدم عليه السلام إذا؟ وماذا يفعل آدم بكل الجنان التي خلقها الله وهي كما رأينا عامة وخاصة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى