مقال

ظاهرة التكفير في المجتمعات الإسلامية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن ظاهرة التكفير في المجتمعات الإسلامية
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 9 ديسمبر

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله، أما بعد لقد صرنا في زمن كثرت فيه أسباب الهموم والأحزان، فقد كثرت فيه الفتن والمحن، وظهرت فيه البغضاء والإحن، وكثرت فيه الشواغل، ونزلت فيه بالناس الغوائل، وتشعبت بالناس الشعاب وإن الحياة المعاصرة أبدعت في أساليب الرفاهية والمتعة لبني البشر، لكنها لم تستطع تأمين الحياة الطيبة، وسعادة القلب، واطمئنان النفس، ولقد بلغ العلم الحديث درجة عالية من الرقي، فلم يحقق إلا متعة حسية ولذة ظاهرية ورفاهية آنية، لم تبلغ مكنونات النفس، ولم تتذوق بها النفس الحياة الطيبة.

ويتصور بعض الناس الحياة الطيبة مقترنة بالأضواء البراقة والمناصب الخادعة، ويتصورها آخرون مع تكديس الأموال والانغماس في أوحال الشهوات واحتساء سموم المخدرات، وآخرون مع تشييد القصور الفخمة، وإن اليأس والقلق والأسى والألم يموج في العالم، والتمرد والتمزق والمأساة والشقاء سمة الحياة المعاصرة، فهناك فوضى تأخذ بخناق العالم، تبعثر كل ما بقي من نظام، وتسعى إلى تمزيق الحياة، واعلموا يرحمكم الله إن سوء الظن بالآخرين وإتهامهم جزافا بلا علم ولا كتاب مبين يؤدي إلى تفتيت المجتمع وانقسامه، وليس أدل على ضياع هذه القيمة الإسلامية من انتشار ظاهرة التكفير في المجتمعات الإسلامية وهي ظاهر خطيرة سلبت الأمن والإستقرار من الكثير من البلاد الإسلامية، وهي ليست من الإسلام بشيء.

بل على عكس ما جاء به الإسلام الذي حمل للبشرية المحبة والسلام والإخلاص والثقة المتبادلة، وإن الأمن الذي تبحث عنه النفوس في كل شأن من شئون الحياة، هو جزء من هذه المشتقات التي جاء به اللغويون وأوضحوها وقد جعل القرآن الكريم، وهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم محور هذا الأمن الإيمان الذي مقره القلب، سواء كان ذلك فيما يتعلق بالنفس ومتطلباتها، كالأمن الصحي، والأمن النفسي، والأمن الغذائي، والأمن الاقتصادي والأمن الأخلاقي، وغيرها، أو ما يتعلق بالمجتمع وترابطه كالأمن في الأوطان، والأمن على الأعراض، والأمن على الأموال والممتلكات وغيرها،أو ما يتعلق بالأمن على النفس من عقاب الله ونقمته بامتثال أمره، وطاعة رسوله، واتخاذ طريق المتقين مسلكا لكي تنقذ النفس بكسب رضا الله.

واستجلاب رحمته والأمن من عذابه في نار جهنم وغيرها، وكل هذه الأنواع من الأمن مطالب ملحة تسعى إليها البشرية في كل عصر، وفي كل مكان، وكل من حمل راية الزعامة في أي مجتمع وبيئة يدعو إليها، لأنها هي التي تلامس أوتار الخاصة والعامة، ذلك أن النفس البشرية تبحث عن ذلك، ولا تدرك مدى الحاجة له والضرورة الملحة إليه، إلا بفقدانه، أو انتقاص مرتبة من مراتبه، ويؤصل هذا المدلول ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول “نعمتان مجحودتان وفي رواية مغبون فيهما كثير من الناس الصحة في الأبدان، والفراغ” رواه البخاري، ولئن كانت الزعامات البشرية تغفل عن الأمن الأخروي، والأمن من عقاب الله تعالى، فإنما هذا عائد لنقص الإيمان لديها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى