مقال

الحقيقة الواضحة في فساد الأرض

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الحقيقة الواضحة في فساد الأرض
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 12 ديسمبر 2023

الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى، وأسعد وأشقى، وأضل بحكمته وهدى، ومنع وأعطى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الأعلى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى، والرسول المجتبى، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى، أما بعد لقد وضع رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم ربه عز وجل، نصب عينيه، ولم يغيب لحظة عن باله، فراقب مولاه، وأخذ من دنياه لأخراه، ولم يره ربه العلي العظيم حيث نهاه، بل عبده وكأنه يراه، فإن لم يكن يراه فإن الله هو الذي يبصره ويراه لأنه يعلم عدد أنفاس مخلوقاته بعلمه العميم، ويرى حركات أرجل النمل في جنح الليل البهيم، ويحيط بعمل العبد سره وجهره، وتطمئن قلوب المؤمنين بذكره، وتقوم السماء والأرض بأمره، وتهفو الأفئدة لرضوانه.

ويطلب منه كل مكروب تفريج كربه، وكشف ضره، وإجابة دعائه، وتبديل عمره، ويسبحه الطائر في عشه ووكره، ويمجده الوحش في قفره، وتكفل للطائعين بتأييده ونصره، فمن أعطاه مولاه الحياء أدرك ذلك كله تمام الإدراك، فآمن بالله وعمل الصالحات، وتواصى مع سره بالحق وتواصى بالصبر، وابتعد عن المعاصي والسيئات، وفعل المأمورات، وترك المنهيات، واتقى ربه حق تقاته، وعمل بأحكام الدين، وسلك سبيل خاتم النبيين وإمام المرسلين، وإلى هذا يشير صلوات الله وسلامه عليه بقوله وهو الصادق الأمين في حديث جبريل أمين وحي الرحمن، وقد سأله عن الإحسان “الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك” وسبحان من أدبه فأحسن تأديبه وسبحان من طبّعه الخُلق العظيم.

وأرسله رحمة للعالمين، بالهدى ودين الحق، شاهدا ومبشرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وهل هناك تصوير أروع من هذا التصوير، وهل هناك منطق أحلى وأعذب من هذا المنطق؟ وهل هناك فصاحة تدنو أو تحوم حول هذه الفصاحة النبوية؟ فالإنسان إذا وصل إلى هذه الدرجة، أحسن عمله، وراقب ربه، وضاعف طاعته، وكان دائما من الموفقين، واعلموا يرحمكم الله أن الله عز وجل أمر بالاجتماع ونهى عن الاختلاف، فنشر الفرقة بين الناس بسبب الحسب، أو النسب، فيه فساد للمجتمع، ومن يسعى إلى نشر الفرقة بين المجتمع ويسعى إلى الإفساد فيهم يجب نصحه، وإلا حذرنا منه لأنه يسعى للإفساد في الأرض، وكذلك من الفساد هو الدعوة إلى إفساد المرأة، فهناك دعوات غربية تنادي بإفساد المرأة تحت مسمى الرقي والتحضر ومسايرة العصر.

والهدف منها إفساد المجتمع، فدعوة المرأة أن تعصي ربها عز وجل، وأن تفعل كما فعل نساء الكفر، فهذا أيضا من الإفساد في الأرض، وليحذر الإنسان من ذلك أشد الحذر، وليسع إلى كل أمر فيه خير وصلاح، ومن الفساد أيضا هو انتشار المعاصي والفواحش والشرك بالله، فنشر الفاحشة بين الناس، وتحبيبهم لها، وتذليل الصعوبات التي تواجهها، وتعارف الناس عليها حتى أصبحت المعاصي والفواحش شيئا مألوفا، هذا بلا شك فيه فساد البلاد والعباد، فقال ابن القيم رحمه الله، في قوله تعالى فى سورة الأعراف ” ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها ” وقال أكثر المفسرين لا تفسدوا فيها بالمعاصي، والدعاء إلى غير طاعة الله تعالى، بعد إصلاح الله لها ببعث الرسل، وبيان الشريعة، والدعاء إلى طاعة الله،

فإن عبادة غير الله والدعوة إلى غيره والشرك به عز وجل، هو أعظم فساد في الأرض، بل فساد الأرض في الحقيقة إنما هو بالشرك به ومخالفة أمره، فالشرك والدعوة إلى غير الله تعالى وإقامة معبود غيره، ومطاع متبع غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو أعظم فساد في الأرض، ولا صلاح لها ولا لأهلها إلا بأن يكون الله وحده هو المعبود المطاع والدعوة له لا لغيره، والطاعة والاتباع لرسوله صلى الله عليه وسلم ليس إلا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى