مقال

القلب وسرعة تأثره بالفتن

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن القلب وسرعة تأثره بالفتن
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 16 ديسمبر
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلي الله عليه وعلى آله وصحابته وسلم تسليما كثيرا أما بعد فيا عباد الله اتقوا الله تعالى ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، واذكروا نعمة الله عليكم، وتمسكوا بكتاب ربكم، أما بعد يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن هذا القلب كريشة بفلاة من الأرض يقيمها الريح ظهرا لبطن” وفي هذا دليل على أن القلب كانه ريشه لخفته، وسرعة تأثره بالفتن وهو كالثوب الأبيض يؤثر فيه ادنى أثر وهو كذلك مثل المرآة الصافية يؤثر فيها ادنى شيء، وإن القلب عُرضة للفتن فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم.

” تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء وأي قلب انكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تعود القلوب على قلبين، قلب أسود مربادا كالكوز مجخيا، لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما اشرب من هواه، وقلب أبيض فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض” رواه مسلم، فالقلب الأول يصاب بمرضين خطيرين هما أنه لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا وربما اشتبه عليه المعروف بالمنكر، والمنكر بالمعروف وأصبحت السنة بدعة والبدعة سنة والحق باطلا والباطل حقا وهذا هو قلب المنافق وهو أشر قلوب الخلق، وكذلك تحكيمه هواه وانقياده للهوى، وأما القلب الثاني فهو قلب عرف الحق وقبله واحبه وآثره على غيره، فهو قلب قد أشرق فيه نور الإيمان وهو ينكر فتن الشهوات والشبهات ولا يقبلها البتة.

وإن الأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب، فقد تكون صورة العملين واحدة كالصلاة مثلا وبينهما في التفاضل كما بين السماء والأرض والسبب أن الأول مقبل بقلبه على ربه والقلب الثاني هو سارح في هذه الدنيا بعيدا غافلا عن الله تعالى، ويقول النبى صلى الله عليه وسلم ” ما من مسلم يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يقوم فيصلي ركعتين مقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة” رواه مسلم، إذا إن العبرة بأعمال القلوب لا بأعمال الجوارح، ويقول الله تعالى فى كتابه العزيز فى سورة الملك ” الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ” وهنا قال الله عز وجل، أحسن عملا ولم يقل أكثر عملا، ولهذا كان الصالحون من هذه الأمة لا يهتمون بكثرة العمل، وعلى هذا الأصل فإن”عبودية القلب اعظم من عبودية الجوارح”.

وإن القلب هدف للشيطان، لما علم الشيطان أن مدار النجاة على القلب أجلب عليه بالوسواس والشهوات والشبهات وزيّن له الباطل ونصب له المصايد والحبائل حتى يفسد هذا القلب ويجعله بعيدا عن ربه ومولاه غارقا في بحر الفتن، وإن أمراض القلب خفية وإهمالها يؤدي إلى الهلاك مثل الرياء والعجب والكبر والشهرة وغيرها، وهذه امراض خفية قد لا يعرفها صاحب هذا القلب وهذا قد يؤدي به إلى الهلاك، وهؤلاء قد اهتموا بالأعمال الظاهرة، وأهملوا أعمال القلوب ولم يراقبوا الله في خلواتهم، فعن سهل بن سعد الساعدي قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من اهل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى