مقال

قوة إرادة رسول الله

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن قوة إرادة رسول الله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 7 يناير 2024

الحمد لله العفو الغفور، لا تنقضي نعمه، ولا تحصى على مر الدهور، وسع الخلائق حِلمه مهما ارتكبوا من شرور، سبقت رحمته غضبه من قبل خلق الأيام والشهور، يتوب على من تاب ويغفر لمن أناب ويجبر المكسور، نحمده تبارك وتعالى حمد القانع الشكور، ونعوذ بنور وجهه الكريم من الكفر والفجور، ونسأله السلامة مما يُورث الملالة أو النفور، ونرجوه العصمة فيما بقي من أعمارنا، وأن ينور قلوبنا والقبور، وأشهد أن لا إله إلا الله جعل الظلمات والنور، خلق سبع سموات طباقا ما ترى فيها من تفاوت أو فطور، أنزل من السماء ماء فمنه أنهار وآبار وبحور، وفي الأرض قطع متجاورات منها الخصبة ومنها البور، جعل الليل لباسًا والنوم سباتا وفي النهار نشور، ميز الأشياء بأضدادها.

فبالظل عُرف الحرور، ولولا الأعمى ما اعتبر البصير، ولولا الحزن ما عُرف السرور، ولولا السقيم ما شكر السليم، ولولا السَّفه ما مُدح للعقل حضور، ولولا القحط ما طلب الرخاء، ولولا الخوف ما كان للأمان ظهور، ولولا الظلم ما كان للعدل فضيلة، ولولا الفسق ما كان للطائعين أجور، ولولا القبح ما مُدح الجمال ولولا الحمائم ما توحّشت الصقور، ولولا النقص ما عُرف الكمال ولولا الجبن ما انتصر الجَسُور، ولولا الطمع ما رجونا، ولولا الخوف ما انتهينا، ولولا الله ما اهتدينا، وإلى الله ترجع الأمور، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه من خيرة خلقة وحبيبه صلي الله عليه وسلم ثم أما بعد لقد صبر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أذى المشركين في مكة، وما لاقاه هو وأصحابه من صنوف العذاب والتضييق.

ثم عفوه عنهم ومغفرته لهم لما أظهره الله عليهم، وتألف قلوبهم على الإسلام، وخير دليل على علو همته التي تحجز النفس عن أن تشفي غيظها، وأن تنتقم لما حصل لها إبان الضعف وعدم القدرة، ولكنه كان القدوة في امتثال أمر الله تعالي وكان القدوة في همته وعزيمته الصالحة القوية، ومما يبين لنا قوة إرادته صلى الله عليه وسلم وعزمه على تبليغ الدعوة هو سيرته التي تحفل بمواقف كلها تدل على الهمة العالية والتوكل على الله عز وجل من غير جزع، أو عجز، أو تشك، فلقد حاول كفار قريش أن يثنوه صلى الله عليه وسلم عن إرادته وعزيمته القوية بأسلوبين أولها هو الإيذاء والتعذيب، وثانيهما هو الإغراء وتقديم التنازلات، وفي الأسلوب الأول تفننوا وجاءوا بكل ما دلتهم عليه أفكارهم الشيطانية، فتارة بالسب واتهامه بالسحر والجنون والكذب والافتراء.

وتارة بتسليط السفهاء عليه يؤذونه بإلقاء القذر عليه، وتارة في التضييق والمنع، وتارة في محاربته نفسيا وتحطيم معنوياته صلى الله عليه وسلم فقد تفننوا في إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يراعوا فيه قرابة، وتخطوا حدود الإنسانية، فلم تصرفه صلى الله عليه وسلم الإغراءات ولا العروض ولا الملذات ولا الشهوات عن همه وهمته ومبتغاه ووجهته، بل ولا حتى المشاق والأتعاب والتهديدات والترهيب والتخويف، بل كان رابط الجأش، رافع الهامة، قوي العبارة خالصا مخلصا لله تعالى، فعاش صلى الله عليه وسلم يريد وجه الله، همه إرضاء الله تعالى وخدمة دينه، وتبليغ شريعته إلى الخلق، لإنقاذهم من ظلمات الكفر والجهل في الدنيا، ودركات جهنم في الآخرة، فلم يصرفه عن هذا الهدف صارف، ولم يعقه عن تحقيقه عائق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى