مقال

العتاب على ترك الدعاء

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن العتاب على ترك الدعاء
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 22 يناير 2024

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد إن أساس هذا الدين العظيم هو مكارم الأخلاق ومحاسنها، فقد روى البيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” وقد وصف الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم وأثنى عليه بحسن الخلق، فقال ” وإنك لعلي خلق عظيم” وقال القاضي عياض ” وأما الأخلاق المكتسبة من الأخلاق الحميدة، والآداب الشريفة التي اتفق جميع العقلاء على تفضيل صاحبها، وتعظيم المتصف بالخلق الواحد منها فضلا عما فوقه، وأثنى الشرع على جميعها، وأمر بها، ووعد السعادة الدائمة للمتخلق بها، ووصف بعضها بأنه جزء من أجزاء النبوة، وهي المسماة بحسن الخُلق.

فجميعها قد كانت خلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم” ومن الأحاديث الواردة في حسن الخلق وبيان فضله ومنزلته، وأنه أحد أسباب رفقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، ما رواه الترمذي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إن من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا” فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، أما بعد يقول الإمام القرطبي رحمه الله فى قول الحق سبحانه وتعالى ” فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا” وهذا عتاب على ترك الدعاء، وإخبار عنهم لم يتضرعوا حين نزول العذاب، ويجوز أن يكونوا تضرعوا تضرع من لم يخلص، والعباد إذا استمروا على ما هم عليه من باطل، ولم ينيبوا ويتوبوا إلى الله تعالي.

فقد يستدرجون نعوذ بالله من ذلك، فيفتح الله عز وجل عليهم أبواب الرزق والنعم، حتى إذا أصابهم البطر، واستولى عليهم الإعجاب بما متعوا به، جاءهم عذاب الله فجأة، فقال الله سبحانه وتعالى ” فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شئ حتى إذا فرحوا بما أتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون” وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله وهذا استدراج منه تعالى، وإملاء لهم، عياذا بالله من مكره، ولهذا قال تعالى “حتى إذ فرحوا بما أوتوا” أي من الأموال والأولاد والأرزاق “أخذناهم بغتة” أي على غفلة “فإذا هم مبلسون” أي آيسون من كل خير، وهذا أشد ما يكون من العذاب، أن يؤخذوا على غرة، وغفلة وطمأنينة، ليكون أشد لعقوبتهم، وأعظم لمصيبتهم، ومن جميل أفعال الله سبحانه وتعالى أنه سبحانه يأتي بالفرج بعد الشدة، واليسر بعد العسر.

حيث يقول تعالى “فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا” فإذا ضاق الأمر اتسع، ولن يغلب عسر يسرين، وليس بعد الشدة إلا الفرج، ولا بعد العسر إلا اليسر، حيث يقول نبينا الكريم محمد صل الله عليه وسلم ” وإن الفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرا” وإن المتأمل في سير الأنبياء عليهم السلام يجد هذا المعنى متجليا، فهذا نبى الله يعقوب عليه والسلام يفقد أحب أولاده إليه يوسف عليه السلام، ثم يفقد ابنه الثاني بعد سنين، حتى فقد بصره من شدة بكائه وحزنه على فراق ولديه، ويصور لنا الله عز وجل المشهد فيقول ” وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم” غير أنه لم يفقد الأمل، حيث قال كما حكى القرآن الكريم على لسانه ” يا بنى اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون”

ويأتيه الفرج من الله عز وجل بعد الشدة والبلاء، فيرد الله إليه بصره وولديه، حيث يقول تعالى ” فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا قال ألم لكم إنى أعلم من الله ما لا تعلمون” وكما نجى الله تعالى نبيه يونس عليه السلام من ظلمات البحر، والليل، وبطن الحوت، فتحول العسر يسرا، والضيق فرجا، حيث يقول تعالى ” وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن ألن نقدر عليه فنادى فى الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين، فاستجبنا له وأنجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى