مقال

الدكروري يكتب عن ظهور سحائب القنوط في الأفق

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الأربعاء الموافق 24 يناير 2024

 

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم، القائل “ومن كف غضبه ستر الله عورته ” وفيه إرشاد إلى ما يجب أن يأخذ المسلم به نفسه وقت الغضب، من كف الغضب وكظم الغيظ، وأن عاقبة ذلك طيبة، وهي ستر الله عز وجل لعورته ” ومن كظم غيظه، ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة ” وهذا فضل من كظم غيظه لله، مع استطاعته أن يمضي غيظه، ولكنه كظمه ومنعه لله ولأن هذا الأمر عزيز على النفس، فكان فضله عظيما.

 

” ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له” أي حتى تقضى له ” أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام ” أي ثبت الله قدمه يوم القيامة على الصراط، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم ” وإن سوء الخلق يفسد العمل، كما يفسد الخل العسل” ختم النبي صلى الله عليه وسلم بهذه العبارات، وهذا الإرشاد، بعد أن أرشد السائل إلى أحب الأعمال إلى الله تعالى، وكأنه أراد أن يقول له إن فعلت هذه الأعمال الصالحة، فإياك أن يفوتك حسن الخلق فإن سوء الخلق يفسد الأعمال الصالحة فسادا عظيما، كما يفسد العسل إذا وضع عليه الخل، فعليك إذن أن تجتنب سوء الخلق فإن سوء الخلق يحبط الأعمال، ويضيع الثواب، ومع ندرة الحق وتفشي المنكر، وسقوط الأخلاق، قد ظهر في الأفق سحائب قنوط، وعلائم يأس.

 

فإذا بك لا ترى أحد اليائسين إلا مقطب الجبين، عاقد الحاجبين، مذهبه الدائم هو قوله إنك تؤذن في خرابة، وتنفخ في قربة مقطوعة، ولا أحد معك، ويرى مع ذلك أنه لا فائدة من السعي والعمل، وقد حقت على الأمة في نظره أمارات الهزيمة والسقوط، وقد وصف نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم هذه النفسية العجيبة بقوله صلى الله عليه وسلم “إذا قال الرجل هلك الناس، فهو أهلكهم” رواه مسلم، وإن المؤمن لا يعرف اليأس، ولا يفقد الرجاء ما دامت فيه عين تطرف، فإن فقد رصيد كبير من الإيمان في قلب العبد قد يزري به إلى الكفر، وإن الأمل يجب أن يكون ملء القلوب في هذه الأمة ذلك الأمل الذي هو روح الحياة، وإنه يزوّد قلب المريض بالطمع في الشفاء، والغريب للعودة إلى وطنه، والطالب إلى إدراك النجاح.

 

والموظف إلى الترقي ونيل الدرجات، والتاجر إلى الكسب وتحقيق الأرباح لأنه باختصار هو إكسير الحياة، فمن فقد الأمل فكأنه فارق الحياة، وبالنسبة للأمة فاللهُ حافظها وراعيها، وهو سبحانه يمد المؤمنين بأسباب القوة، وطول المراس لمقارعة الضلال، وإحراز النصر في كل مجال، فاللهم إنا نسألك أن تجعلنا من الآمنين يوم الدين، وأن تغفر لنا ذنوبنا أجمعين، تجاوز عنا بحلمك يا حليم، وكفر عنا سيئاتنا يا غفور يا رحيم، اللهم أقل عثرتنا واغفر زلتنا، وامح سيئاتنا، اللهم زد حسناتنا، وضاعفها لنا يا كريم، اللهم إنا نسألك الأمن يوم الفزع، والستر يوم الفضيحة، استرنا بسترك الجميل، واصفح عنا الصفح الجزيل، اللهم إنا نسألك أن تغفر لأموات المسلمين، يا رب العالمين.

 

وأن تنصر المجاهدين، وتعلي كلمة الدين، وتقمع المشركين والمبتدعين، اللهم إنا نسألك أن تجعل فرجنا وفرج المسلمين قريبا يا رب العالمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى