مقال

الإصرار علي المعصية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإصرار علي المعصية
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم الأربعاء : الموافق 7 فبراير 2024

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضلّ له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين، قم أما بعد يقول الله سبحانه وتعالي ” لا تبديل لكلمات الله ” أي هذه كلمة الله التي لا تتبدل هي الحاملة للبشارات “ذلك هو الفوز العظيم” قال والآن هل تدري يا عبد الله ويا أمة الله، لم نادى الله تعالى عباده المؤمنين في هذا النداء الثالث والعشرين من نداءاته لهم في كتابه العزيز الحكيم؟ إنه ناداهم ليأمرهم فلا تقل ما نطيق الأمر لأنك لا تستطيع أن تكمل ولا تسمو إلا على الأمر، فاشرح صدرك وألق بسمعك وانهض بما تؤمر به.

فإنه في صالحك بأخذ الحذر من عدوهم وعدو المؤمنين هو كل كافر من الإنس والجن والحرب بيننا وبين الجن أعظم من الحرب بيننا وبين بني آدم، فالشيطان وأعوانه ورجاله مزقونا، والكفار قد نسالمهم ويسالموننا، ولكن الشيطان لا يسالم وعدوهم هو من يريد هلاكهم وخسرانهم وذلهم وضعفهم وحقارتهم والله العظيم ولا يكون هذا العدو إلا كافرا ظالما، فلا شك أن الله تعالى خلق الخلق لعبادته سبحانه ولا يمكن ذلك إلا بإتباع أوامره تعالى وأوامر رسوله المصطفي صلى الله عليه وسلم وإجتناب النواهي والبعد عن المحرمات والحذر من الكبائر، فكل ذلك من السبل الموصلة إلى رضوان الله عز وجل ومن ثم يقر العبد بمغفرة ربه عز وجل له ورحمته إياه، ثم ينال بعد ذلك ما كان يصبو إليه العبد من دخول الجنة والنجاة من النار.

فمن أراد الجنة والفوز بها فطريقها واضح معلوم ، وكذلك النار والنجاة منها أيضا واصح معلوم لا يغفل عنهما إلا حيوان لا عقل له أو من تشبه به من بني البشر، فالله تعالى بحكمته البالغة وعلمه الذي وسع كل شيء بين للناس طريقي الخير والشر، فقال تعالى كما جاء في سورة الإنسان “إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا” وقال عز وجل ” وهديناه النجدين ” فيجب على العبد وجوبا أن يحكم عقله ويعمل رأيه في ذلك لإختيار الطريق الذي يوصله إلى مرضاة ربه وبالتالي إلى جنة عرضها السموات والأرض، ولقد بين النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم ذلك الأمر بكلام واضح لا يحتاج معه المرء إلى تفسير أو توضيح وذلك في بيان طريقي الخير والشر وأن الجنة والنار قد حفت كل منهما بما يناسبها.

وبما يدعو العبد للعمل به ليدخل الجنة وبما يحذر منه فيجتنب النار فقال صلى الله عليه وسلم “حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات” فمن هذا المنطلق وجب على العبد أن يسعى في هذه الدنيا جاهدا كادحا لإرضاء ربه عز وجل ونبذ ما سواه من الشهوات والكبائر، فإتباع الهوى سبب لوقوع العبد في المعصية وقد يزين له الشيطان هذه المعصية فيألفها العبد فيتخبط في المعاصي ويرتكب الكبائر غير مراع لما قد يحصل له من سوء الخاتمة عند إصراره على المعصية، فقال الله تعالى كما جاء في سورة مريم ” فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلوات واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا” وقال ابن حجر الهيتمي اعلم أن جماعة من الأئمة أنكروا أن في الذنوب صغيرة وقالوا بل سائر المعاصي كبائر.

وإنما يقال لبعضها صغيرة وكبيرة بالإضافة إلى ما هو أكبر منها وقال جمهور العلماء أن المعاصي تنقسم إلى صغائر وكبائر، ولا خلاف بين الفريقين في المعنى وإنما الأولون فروا من هذه التسمية وكرهوا تسمية معصية الله تعالي صغيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى