مقال

صورة الحشر يوم القيامة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن صورة الحشر يوم القيامة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 8 فبراير 2024

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا أما بعد يا أيها الناس اتقوا يوما لا يجزي والد عن ولده، ذلك يوم الحشر أوله أن يحشر الناس من أقطار الأرض إلى الشام، والله أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم في المدينة لأول الحشر في الشام، تمهيدا للحشر الأعظم الذي يكون يوم الدين، يحشر الناس جماعات، أما أهل النار، فيساقون بدفع وإهانة، وينهرون نهرا غليظا تسوقهم الملائكة في ذلك اليوم، يساقون إلى جهنم جماعات مع أشباههم ونظرائهم، اليهود مع بعض، والنصارى مع بعض، وهكذا حتى يردون جهنم عطاشا، ويساق أصحاب الكبائر معا فالزاني مع الزناة.

والمرتشي مع المرتشين، والسارق مع السرّاق، وهكذا الكذاب مع الكذابين، أي نظرائهم، وأشباههم، ومن هو على شاكلتهم، يساقون إلى النار سوقا وما هي من الظالمين ببعيد، ويساقون، سوق البهائم مشاة، عطاشا، ويحشرون على وجوههم إذلالا لهم، وقد تعجب بعض الصحابة من هذا، فقال قائلهم يا نبي الله كيف يحشر الكافر على وجهه؟ قال صلي الله عليه وسلم أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة، ويكون ذلك الحشر بالصورة المنكرة من العمى، والصمم، والبكم، ويسعر عليهم العذاب ويزاد، وكما أن هناك أناس يجمعهم الله تعالى في وفد مكرمين إلى الجنة تكون معهم الملائكة، وهذا لا يكون إلا لمن نهى نفسه عن الهوى، وألزمها طاعة الله تعالي.

وشتان شتان بين من يعذب في النيران، وبين من تكون عاقبته ذواتي أفنان، أي أغصان نظرة حسنة، فيها الفاكهة النضيجة، وفيها عينان تجريان، تسرحان لسقي الأشجار والأغصان، من جميع أنواع الثمار، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ويكونون مضطجعين عليها، وهذا الحرير وصف الله تعالى الباطن من الفراش بأنه من إستبرق، فكيف لو رأيت الظاهر يا عبد الله، ويقول تعالي ” وجني الجنتين دان ” أي أن ثمرها قريب، وأن قطوفها دانية، متى شاء تناول، على أي صفة كان، لا يأخذ ثمرة إلا خرج بدل منها، وتنحط إليه أغصانها، فلا يحتاج إلى القيام، فيأخذ منها قائما وقاعدا ومضطجعا ” وعندهم قاصرات الطرف ” أي غضيضات عن غير أزواجهن ” لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان “

ولم يطأهن أحد من المخلوقات ” كأنهن الياقوت والمرجان ” أي في الصفاء والبياض ” كأنهن بيض مكنون ” أي لم يلمسه أحد ” هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ” وهكذا تكون شدة خضرة الجنة، قريبا من لون السواد ” مدهامتنان” من شدة الري، قد اسودتا من الخضرة، ومن كثرة الأشجار والتفاف أغصانها ” فيهما عينان نضاختان ” تنبعان وتفيضان، ولا تنقطعان ” فيهما فاكهة ونخل ورمان ” وهذا يدل على التنوع، وجمال الفاكهة، وكذلك فإن هذا الرفرف الأخضر، والعبقري الحسان هو الوسائد، والسجاد، والمفارش “متكئين علي رفرف خضر” وهذه الوسائد، والعبقري الزرابي، وقيل الديباج، وقيل المرافق التي يتكأ عليها والمساند، المتكئات، وكذلك الفرش وكذلك البسط، وهكذا مكافئة من الله تعالى لأوليائه المؤمنين الموحدين الشاكرين الصابرين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى