مقال

نفحات إيمانية ومع النصر أو الشهادة ” جزء 2″

نفحات إيمانية ومع النصر أو الشهادة ” جزء 2″
بقلم/ محمـــد الدكــــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع النصر أو الشهادة، وأن للشهيد توقيعين يشهدان له عند ربه، توقيع في الدنيا يتمثل في قطرات دمه، وأشلاء جسده، وتوقيع آخر في ساحة الحشر، وكأن مداد التوقيع الأول يبقى ساريا إلى يوم القيامة، وأن المسلم مطلوب منه أن يؤدى شهادة لأحقية هذا الدين في البقاء، وحمله لرسالة الخير والنور فى الناس، وهو لا يؤدى هذه الشهادة حتى يجعل من نفسه وأخلاقه وحياته صورة حية لهذا الدين، إذا رآها الناس عليه شهدوا لهذا الدين بالكمال والجمال وقالوا ما أطيب هذا الدين الذى يصوغ نفوس أصحابه على هذا المثال من الخُلق والكمال، ثم إذا رأوه يُؤثر القتل على الحياة من أجل بقاء هذا الدين، تأثروا به، وساروا على نهجه.

وسموه شهيدا، لشهادته بأن هذا الدين الجميل خير من الحياة ذاتها، بعد أن قام بشهادة الحق في أمر الله تعالى حتى قتل، وقد ذكر النووي وغيره أن الصالحين شهدوا للمقتول في سبيل الله بالإيمان في حياته، وبخاتمة الخير عند موته، على ما ظهر من عمله، ذلك أن ألسنةَ الخلق هى أقلام الحق، فلهذه الشهادة من أهلها سمي من ضحّى بنفسه شهيدا، فعن أبي الأسود رضى الله عنه قال ” قدمت المدينة وقد وقع بها مرض، فجلست إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فمرت بهم جنازة، فأثنى على صاحبها خيرا” لأن الشهيد يشهد حاضرا بنفسه ما أعد الله تعالى له من الكرامة بالقتل فقد أخبرنا القرآن أن عموم الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله.

ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم، ألا خوف عليهم، ولا هم يحزنون، وقال الله تعالى كما جاء فى سورة التوبة “إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بأيعتم به وذلك هو الفوز العظيم” وذلك الوعد الحق الذي يبينه القرآن الكريم، لمكانة الشهيد عند ربه فقد فاز فوزا عظيما، والفوز العظيم هو أعلى مراتب الجنة عند الله تعالى بصحبة الانبياء وعلى حوض النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو في آية أخرى قال رب السموات والارض كما فى سورة النساء ” ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما ”

وذلك هو الفوز المذكور في الآية السابقة، أما المكانة الأولى الاظهر في القرآن المجيد فهي الحياة عند الله بمجرد الشهادة فالشهداء لايموتون كما جاء فى سورة البقرة ” ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون” وخير بيان للوعد بالجنة كفوز عظيم هو قوله تعالى”إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم” وعن عتبة بن عبد السلمي قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم”القتلى ثلاثة مؤمن جاهد بنفسه وماله في سبيل الله إذا لقي العدو قاتل حتى يقتل.

قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه فذلك الشهيد الممتحن في خيمة الله تحت عرشه لا يفضله النبيون إلا بدرجة النبوة، ومؤمن خلط عملا صالحا وآخر سيئا جاهد بنفسه وماله في سبيل الله إذا لقي العدو قاتل حتى يقتل قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه ممصمصة محت ذنوبه وخطاياه إن السيف محاء للخطايا وأدخل الجنة من أي أبواب الجنة شاء، ومنافق جاهد بنفسه وماله فإذا لقي العدو قاتل حتى يقتل فذاك في النار إن السيف لا يمحو النفاق” رواه الدارمى، وعبارة إن السيف محاء للخطايا هو يفيد أن الشهيد تمحى عنه ذنوبه، لأنه بذل نفسه لله، فجوزي بتكفير ذنوبها، والمعنى أن الكافر إذا قتل مسلما لم يترك عليه ذنبا، لأن الشهيد تكفر ذنوبه كلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى