مقال

حلّ الطفل بأرض الحياة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إذا حلّ الطفل بأرض الحياة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 16 فبراير 2024

الحمد لله المستوجب لصفات المدح والكمال والمستحق للحمد على كل حال، لا يحصي أحد ثناء عليه بل هو سبحانه كما أثنى على نفسه بأكمل الثناء وأحسن المقال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، هدى به الناس من الضلال، ووضع عنهم الآصار والأغلال، فصلى اللهُ عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين ثم أما بعد، إن الله عز وجل الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى، بث في قلوب خلقه المودة والرحمة، نحو ما يلدون وما ينجبون، وجعل دينه القيم شرائع وأحكاما وهب من خلالها للطفولة حقوقا لم يعرفها الإنسان من قبل، ولن يصل درجتها من بعد فشريعة الخالق تأتي كجلاله وكماله في العظمة والكمال.

لأنه العالم بخلقه الخبير بما يحتاجون وبما ينتفعون، فيقول تعالي ” ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ” وهو الذي بيده ملكوت كل شيء وهو المتصرف، وهو المانح والواهب، فيقول تعالي كما جاء في سورة الشوري ” لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير ” من أجل ذلك اعتنى الإسلام بالطفل من قبل وجود الطفل، فهيأ له أسرة طيبة تتكون من والد تقي ووالدة صالحة، فحث رسول الله صلى الله عليه وسلم الزوجة وأهلها بقوله ” إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ” رواه الإمام الترمذي، وحث الزوج بقوله صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيحين ” فاظفر بذات الدين تربت يداك “

وكل ذلك من أجل تنشئة الطفل بين أبوين كريمين يطبقان شرع الله، ويرسمان الطريق السوية لحياة الأبناء، فأول حق للطفل أن يوفق الله أبويه لحسن إختيار أحدهما للآخر، فإذا تم الاختيار توجه الأبوان الصالحان بالدعاء في خشوع وإنابة إلى وليّ الصالحين كما جاء في سورة الفرقان ” ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ” فإذا تكوّن الطفل في الرحم أعد الله له فائق الرعاية والعناية، وحرّم الاعتداء عليه فيقول الله تعالي كما جاء في سورة الإسراء ” ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم ” وكما أجاز الإسلام لأمّه أن تفطر في رمضان رحمة بها وتمكينا له من أحسن ظروف النمو وتمام الخلق، فإذا حلّ الطفل بأرض الحياة جعله الله بهجة وزينة في قلوب من حوله.

فيقول الله تبارك وتعالى كما جاء في سورة الكهف ” المال والبنون زينة الحياة الدنيا ” ومن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تحنيك المولود، وهي سنّة باقية في مجتمعنا إلى يومنا هذا، والتحنيك هو أخذ تمرة وتليينها داخل الفم ثم وضعها في فم المولود، وتحريكها يمينا وشمالا مرورا بين الفكّين، وعلى مواضع خروج الأسنان، وصولا إلى أعلى الحلق، ومن حق الطفل في الإسلام أن يرضع من حليب أمه لقول الله تعالي كما جاء في سورة البقرة ” والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ” وقد ثبتت قيمة هذه الرضاعة وأثرها على الطفل صحيا ونفسيا وبذلك استحقت الأم أولوية حسن المصاحبة كما جاء في الحديث النبوي الوارد في الصحيحين، فحق لها هذا التكريم النبوي فهي التي حملت، وهي التي ولدت، وهي التي أرضعت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى