مقال

الأساليب النبوية في التعليم

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الأساليب النبوية في التعليم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 21 فبراير 2024

إن الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بعثه الله رحمة للعالمين هاديا ومبشرا ونذيرا، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فجزاه الله خير ما جزى نبيا من أنبيائه فصلوات ربي وتسليماته عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وعلى صحابته وآل بيته، وعلى من أحبهم إلى يوم الدين أما بعد إن في قصة الأعرابي الذي بال في ناحية المسجد، وأسرع الناس إليه، لينهروه ويوبخوه عبرة كبير من حكمة وسماحة رسول الله صلي الله عليه وسلم فقد نهاهم النبي المصطفي الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم وقال “إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين، صبّوا عليه سجلا من ماء” رواه أبو داود.

وفي رواية قال الرجل “اللهم ارحمني ومحمدا، ولا ترحم معنا أحدا” فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” لقد تحجرت واسعا” وقال النووي “وفيه الرفق بالجاهل، وتعليمه ما يلزمه من غير تعنيف ولا إيذاء، إذا لم يأتي بالمخالفة استخفافا أو عنادا، وفيه دفع أعظم الضررين باحتمال أخفهما” وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال “بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث القوم، جاءه أعرابي فقال متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث، فقال بعض القوم سمع ما قال فكره ما قال، وقال بعضهم بل لم يسمع، حتى إذا قضى حديثه قال صلي الله عليه وسلم “أين أراه السائل عن الساعة؟ قال ها أنا يا رسول الله، قال صلي الله عليه وسلم “فإذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة” قال كيف إضاعتها؟

قال “إذا وسّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة” رواه البخاري، فرغم أنه عليه الصلاة والسلام كان مشغولا بحديثه، فإنه لم ينسي هذا السائل ولم يهمله، إنما كان مهتما به فأجابه على سؤاله لما فرغ من كلامه، وهذا الاهتمام يكشف عن الخلق السامي الرفيع من رسولنا الكريم المعلم الأول صلى الله عليه وسلم، ومن الأساليب النبوية في التعليم هو إيجاد الدافعية الذاتية للتعلم من خلال إشعار المتعلم بحاجته إلى العلم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل فصلى ثم جاء، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه السلام، فقال “ارجع فصل فإنك لم تصل، ثلاثا فقال والذي بعثك بالحق، فما أحسن غيره، فعلمني… إلي آخر الحديث” رواه البخاري.

وهكذا أوجد صلى الله عليه وسلم لديه الرغبة الذاتية في التعلم، وفرق بين أن يعلمه ابتداء، وبين أن يشعر هو بحاجته للعلم، فهذا أدعى للقبول وأعمق في التأثير، إنها مدرسة المعلم الأول صلى الله عليه وسلم الذي قال الله فيه ” وإنك لعلي خلق عظيم ” ولما سُئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خُلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت “كان خلقه القرآن” وقيل في وصف نبينا صلى الله عليه وسلم “من رآه بداهة هابه، ومن خالطه عشرة أحبه” وقال الله تعالى عنه كما جاء في سورة آل عمران ” فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ” فأعظم ما يؤثر في النفوس ويصل إلى سويداء القلوب ويلامس شغافها هو حسن الخلق، والتحلي بالآداب الفاضلة، فإفشاء السلام، ومحبة الأنام.

والرفق ولين الجانب، وطلاقة الوجه، والحلم والأناة، والهندام الحسن آداب عالية وأساليب رائعة، لها آثار عجيبة في كسب الناس، وإقبالهم على المعلم وتقبلهم منه، وحري بالمعلمين والمعلمات والآباء والأمهات ومن يتولى هذه المهمة الشريفة، أن يقتفي أثره ويهتدي بهديه عليه الصلاة والسلام ففيه الخير كل الخير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى