مقال

إن الذين لا يرجون لقاءنا بقلم / محمـــد الدكـــروري

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إن الذين لا يرجون لقاءنا
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 24 فبراير 2024

الحمد لله العظيم في قدره، العزيز في قهره، العليم بحال العبد في سرّه وجهره، يسمع أنين المظلوم عند ضعف صبره، ويجود عليه بإعانته ونصره، أحمده على القدر خيره وشره، وأشكره على القضاء حلوه ومره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الآيات الباهرة، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما جاد السّحاب بقطره، وطلّ الربيع بزهره، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد إن الفقه في الدين وتعلم العلم الشرعي سبيل إلى معرفة الله تعالى وأسمائه وصفاته وذلك علو في منزلة طالب العلم، وتحصيل العلم الشرعي طريق موصل إلى معرفة ما فرض الله على عباده وما أحل لهم وما حرم عليهم فإذا حُرم المرء العلم، وصرفه هواه والشيطان عن طلبه وتحصيله بقي جاهلا.

وكان من السهل على شياطين الإنس والجن إضلاله وغوايته والخروج به عن منهج الله تعالى ومنهج رسوله صلى الله عليه وسلم فبالعلم يعرف العبد ربه، فيعبده ويطيعه ويستقيم على أمره وبالجهل يضل ويزيغ ويعبد الشيطان، لأجل هذا رفع الله تعالي أهل العلم درجات وفضلهم على غيرهم ووعد من سلك منهم طريقا يطلب فيه العلم أن يسهل له الطريق إلى الجنة رضا سبحانه بما يصنع طالب العلم وليس بعد هذا الشرف شرف وليس بعد هذا العز عز، وإن من وجوب طلب العلم هو ما أخرجه ابن ماجة في الحديث الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” طلب العلم فريضة على كل مسلم” وقال الفضيل بن عياض رحمه الله كل عمل كان عليك فرضا، فطلب علمه فرض.

وما لم يكن العمل به عليك فرضا، فليس طلب علمه عليك بواجب، وقال تعالى كما جاء في سورة التوبة ” وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ” وقال القرطبي رحمه الله ” هذه الآية أصل في وجوب طلب العلم، وقال رحمه الله أيضا طلب العلم فضيلة عظيمة ومرتبة شريفة لا يوازيها عمل ” وإن طلب العلم ينقسم إلى قسمين، فالأول هو فرض على الأعيان أي واجب على كل مسلم ومن لم يتعلمه فهو آثم كأحكام الصلاة والزكاة والصوم والحج وبر الوالدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومعرفة حق الله تعالى على عباده وحقهم عليه سبحانه ومعرفة أسمائه وصفاته ومعرفة معنى شهادة أن لا إله إلا الله.

وأركناها وشروطها ونواقضها وكذلك مقتضى شهادة أن محمدا رسول الله صلي الله عليه وسلم، كل ذلك من العلم الضروري الذي يجب على المسلم تعلمه ومعرفته ولا يسعه الجهل به البتة فإن لم يتعلمه فهو عاص آثم معرض للعقوبة ولما علم الصحابة رضي الله عنهم هذا المعنى العظيم عكفوا على كتاب الله تعالى حفظا وتعلما وتعليما فلم يتجاوزوا عشر آيات حتى يتعلموا ما فيها من أحكام وأوامر ونواهي وحلال وحرام، وذلك كان دأب السلف الصالح رحمهم الله ورضي عنهم أجمعين، أما حال الأمة اليوم فحال لا يرضي عدوا ولا حبيبا فبدل أن يعكف الناس على دراسة أمور دينهم وما ينفعهم عند ربهم يوم القيامة نراهم ركنوا إلى الدنيا ورضوا بها سكنا ومستقرا، والله تعالى يقول كما جاء في سورة يونس.

” إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون ” فقد ألهتهم الدنيا بكل زخرفها وبهرجتها وزينتها، وربما الآذان يؤذن الله أكبر، حي على الصلاة، حي على الفلاح وكأن ذلك لا يعنيهم بحال، وسبحان الله كيف اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى