مقال

النفوس الفارغة لا تعرف الجد

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن النفوس الفارغة لا تعرف الجد
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 24 فبراير 2024
الحمد لله خلق الخلق فأتقن وأحكم، وفضّل بني آدم على كثير ممن خلق وكرّم، أحمده سبحانه حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، يليق بجلاله الأعظم، وأشكره وأثني عليه على ما تفضل وأنعم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الأعز الأكرم، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله المبعوث بالشرع المطهر والدين الأقوم، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد إن النفوس الفارغة لا تعرف الجد، فتلهو في أخطر المواقف وتهزل في مواطن الجد، فلا إيمان ولا دين ولا عمل، فإن همها هو اللعب واللهو في الدنيا ويتبعه حسرة وندامة يوم القيامة، ويقول ابن مسعود رضي الله عنه ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي.

ويقول الحسن البصري رحمه الله أدركت أقواما كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصا على دراهمكم ودنانيركم، وكثير من الشباب يتوفر لديهم أوقات كبيرة إذ لا مسؤولية عليهم ولا أعباء أسرية تلاحقهم وهم في مرحلة توقد الذهن وحضور البديهة وفي قمة النشاط العقلي، والوقت أنفس ما عنيت بحفظه وأراه أسهل ما عليك يضيع، فما أجمل أن يتوجه هؤلاء الشبيبة إلى طلب العلم الشرعي والنهل من كنوز الكتاب ومعين السنة المطهرة وميراث سلف الأمة وتاريخهم، وما أشد حاجة المسلمين إلى شباب يطلب العلم ويستنير بنور الوحيين ويقيم حجة الله على العباد ويبين لهم السبيل وينير أمامهم الطريق وينفض عنهم عمى الجهل، ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى “جعل الله سبحانه أهل الجهل بمنزلة العميان الذين لا يبصرون.

فقال تعالي ” أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى” فما ثمّ إلا عالم أو أعمى وقد وصف سبحانه أهل الجهل بأنهم صم بكم عمي في غير موضع من كتابه، فما أقبح الجهل يبدي عيب صاحبه للناظرين وعن عينيه يخفيه، كذلك الثوم لا يشممه آكله والناس تشتم نتن الريح من فيه، فالجهل داء دوي ومرض مستحكم قوي، ذمّه الله تعالي صراحة في كتابه فقال تعالي ” وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم، قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون، إن هؤلاء متبّر ما هم فيه وباطل ما كانوا يصنعون” وعن عطاء بن يسار قال سمعت ابن عباس يخبر أن رجلا أصابه جرح في رأسه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أصابه احتلام، فأمروه بالإغتسال فاغتسل.

فكزّ فمات فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال “قتلوه قتلهم الله أو لم يكن شفاء العيّ السؤال ” رواه الحاكم، وما وقع مَن وقع في الشرك والكفر بالله إلا بسبب الجهل، وما وقع من وقع في القتل والإعتداء على النفوس المعصومة وتخريب الممتلكات المحترمة والخروج على الجماعة وإشاعة الفوضى إلا بسبب الجهل، الجهل بعلم الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح رضي الله عنهم ورحمهم، ويقول ابن القيم ” قد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الجهل داء ودواءه سؤال العلماء حيث قال تعالى ” فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ” وقال سفيان بن عيينة رحمه الله تدرون ما مَثلُ الجهل والعلم ؟ مثل دار الكفر ودار الإسلام، فإن ترك أهل الإسلام الجهاد جاء أهل الكفر فأخذوا الإسلام.

وإن ترك الناس العلم صار الناس جهالا، وقال اإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه “كفى بالعلم شرفا أن يدعيه من لا يحسنه ويفرح به إذا نُسب إليه وكفى بالجهل ذمّا أن يتبرأ منه من هو فيه”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى