مقال

الدكروري يكتب عن تفسير التين والزيتون

جريدة الأضواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الأثنين الموافق 26 فبراير 2024

الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر، والصلاة والسلام على محمد سيد البشر، الشفيع المشفع فى المحشر، صلى الله وسلم وبارك عليه ما اتصلت عين بنظر او سمعت اذن بخبر، فقد قال تعالى ولم يزل قائلا عليما وآمرا حكيما تشريفا لقدر المصطفى صلى الله عليه وسلم وتعظيما ” إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلم تسليما” فاللهم صلي وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين وبعد لقد أقسم الله عز وجل في كتابه الكريم بالتين والزيتون، وقيل بأن المراد بالتين هو مسجد نوح، والزيتون هو مسجد بيت المقدس، وقيل إن المراد بالتين هو المسجد الحرام، والزيتون هو المسجد الأقصى، وقيل إن المراد بالتين هو مسجد أصحاب الكهف، ولكن الصواب والراجح.

أن التين هو التين الذي يؤكل، والزيتون هو الزيتون الذي يعصر منه الزيت لأن ذلك هو المعروف عند العرب، وقال ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وإبراهيم، وعطاء بن أبي رباح، ومقاتل، والكلبي هو تينكم هذا الذي تأكلونه، وزيتونكم هذا الذي تعصرون منه الزيت، ومعني قوله تعالي ” وطور سينين” أي وأقسم الله جل وعلا بجبل سيناء، الذي كلم وناجى عنده الله جل وعلا نبيّه موسى عليه السلام تكليما، وقوله تعالى ” وهذا البلد الأمين” أي وأقسم الله جل وعلا بمكة البلد الحرام الذي يأمن من دخل فيه، وهو البلد الذي بعث فيه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فأقسم تعالى بهذه المواضع المقدسة، وهي مكة وهي مهبط الوحي التي اختارها وابتعث منها أفضل النبوات وأشرفها، وقوله تعالى “لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم” 

أي لقد أوجدنا الإنسان في أعدل خلق وأفضل صورة، فهو تام الخلق، متناسب الأعضاء، منتصب القامة، لم يفقد مما يحتاج إليه ظاهرا أو باطنا شيئا، ومع هذه النعم العظيمة، التي ينبغي منه القيام بشكرها، فأكثر الخلق منحرفون عن شكر المنعم، مشتغلون باللهو واللعب، قد رضوا لأنفسهم بأسافل الأمور، وسفساف الأخلاق، والعياذ بالله تعالى، ومعني قوله تعالى ” ثم رددناه أسفل سافلين” أي ثم أرجعناه إلى الهرم وأرذل العمر والخرف في الدنيا، فينقص عقله، ويضعف بدنه، فلا ينتفع بجسده كما لا ينتفع به، إذا أفسد فطرته وصار إلى النار، وقيل فردّهم الله جل وعلا في أسفل سافلين أي أسفل النار، وهو موضع العصاة المتمردين على ربهم سبحانه وتعالى، وقال الطبري “وإذ كان ذلك كذلك، وكان القوم للنار التي كان الله يتوعدهم بها في الآخرة منكرين. 

وكانوا لأهل الهرم والخرف من بعد الشباب والجلد شاهدين، علم أنه إنما احتج عليهم بما كانوا له معاينين، من تصريفه خلقه، ونقله إياهم من حال التقويم الحسن والشباب والجلد، إلى الهرم والضعف وفناء العمر، وحدوث الخرف” ومعني قوله تعالى ” إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون” أي إلا الذين آمنوا بالله تبارك وتعالى، وتفضل عليهم بالإيمان به سبحانه، ووفقهم للأعمال الصالحة، والأخلاق الفاضلة، فإنهم وإن هرموا، فلهم بذلك في الجنة المنازل العالية، واللذات المتوافرة، والنعم المتكاثرة، في أبد لا يزول، ونعيم لا يحول، أكلها دائم وظلها، والثواب الدائم غير المقطوع عنهم أبدا، ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى