مقال

الدكروري يكتب عن ليلة ذات قدر

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن ليلة ذات قدر
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 26 مارس 2024

الحمد لله خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا، أحمده سبحانه على كل فضل وأشكره على كل نعمة، وأتوب إليه وأستغفره إعلانا وسرا، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له أحاط بكل شيء خبرا، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله أعلى الناس منزلة وقدرا، وأوصلهم رحما وبرا، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد إن ليلة القدر هى من نفحات الدهر التى يتفضل الله تعالى بها على عباده، فيغدق عليهم من فضله ورحمته وبركته فى هذه الليلة أضعافا مضاعفة عما يحدث طوال العام لذا يشمر لها المشمرون، وينتظرها العارفون، لينهلوا من هذا الفيض الرباني ما استطاعوا، وإن القدر في اللغة اسم مصدر من قدر الشيء يقدره تقديرا، وقيل إنه مصدر من قدر يقدر قدرا.

عبارة عما قضاه الله وحكم به من الأمور، وقيل هو كون الشيء مساويا لغيره من غير زيادة ولا نقصان، وقدّر الله هذا الأمر بقدره قدرا، إذ جعله على مقدار ما تدعو إليه الحكمة، أما في الشرع فهو ما يقدره الله من القضاء ويحكم به من الأمور، ولقد سميت ليلة القدر من القدر وهو الشرف كما نقول فلان ذو قدر عظيم أي ذو شرف، وأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام، وهذا من حكمة الله عز وجل وبيان إتقان صنعه وخلقه، ومعنى القدر هو التعظيم أي أنها ليلة ذات قدر، لهذه الخصائص التي اختصت بها، أو أن الذى يحييها يصير ذا قدر وقيل القدر التضييق، ومعنى التضييق فيها هو إخفاؤها عن العلم بتعيينها، وقال الخليل بن أحمد إنما سميت ليلة القدر لإن الأرض تضيق بالملائكة لكثرتهم فيها تلك الليلة، من القدر.

وهو التضييق، فقال تعالى “وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه” أى بمعنى ضيق عليه رزقه، وقيل أن القدر بمعنى القدر، بفتح الدال وذلك أنه يُقدّر فيها أحكام السنة كما قال تعالى “فيها يفرق كل أمر حكيم” ولأن المقادير تقدر وتكتب فيها، وقد اختلف العلماء في ليلة القدر اختلافا كثيرا، ومنها أنها في جميع ليالي رمضان، ومنها أنها أول ليلة من رمضان، وأنها ليلة النصف، وأنها ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وسبع وعشرين وغير ذلك من الأقوال، ولقد قال سلفنا رضي الله عنهم أنه أخفى الرب أمورا في أمور لحكم، وهى أنه تعالى أخفي ليلة القدر في الليالي ليحيى جميعها، وأخفى ساعة الإجابة في يوم الجمعة ليدعى في جميعها، وأخفى الصلاة الوسطى في الصلوات ليحافظ على الكل، وأخفي الاسم الأعظم في أسمائه ليدعى بالجميع.

وأخفى رضاه في طاعته ليحرص العبد على جميع الطاعات، وأخفى غضبه فى معاصيه، لينزجر عن الكل، وأخفي أجل الانسان عنه ليكون على استعداد دائما، والراجح في ليلة القدر أنها في العشر الأواخر من رمضان فعن السيدة عائشةَ رضي الله عنهما قالت كان رسول الله يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول ” تحرّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان” وعنها رضى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “تحرّوا ليلةَ القدر في الوتر من العشر الأواخر من شهر رمضان” بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى