فن

أبيض حالكٍ السوادِ

جريدة الاضواء

أبيض حالكٍ السوادِ

بقلمِ
صموئيلْ نبيل أديبِ

منْ أفضلَ منْ يكتبُ عنْ المرأةِ سوى المرأةِ ، منْ أفضلَ منْ يكتبُ عنْ زيفِ المجتمعِ تجاهَ التاءِ المربوطةِ سوى بنتِ حواءْ.. وهكذا أثبتتْ الكاتبةُ صغيرةً السنِ كبيرةً الموهبةِ ” مهرائيلْ نخلةً ” أنَ حواءْ هيَ الأقدرُ على التعبيرِ عنْ مشاكلها وذلكَ في مسرحيتها الجديدةِ ( بالأبيضِ ) .

( بالأبيضِ ) مسرحيةً ابتسمتْ بالجرأةِ على صعيدِ العرضِ والفكرةِ .. فأربعُ فتيات في أعمارٍ مختلفةٍ يحلمنَ بفستانِ الفرحِ الأبيضِ ، الحلمُ المشروعُ لكلِ فتاةٍ حملتْ في جسدها ملامحَ الأنوثةِ ، ولكنْ وفيٌ براعةً شديدةً تسحبنا الكاتبةُ لمعرفةِ ما وراءَ هذا الحلمِ الذي يبدو للمتفرجِ أنهُ بسيطٌ ولكنْ وراءهُ كارثةٌ نفسيةٌ دفعتْ كلَ فتاةٍ لكيْ تبحثَ عنْ الهروبِ منْ جحيمِ الواقعِ إلى جنةِ فستانِ الفرحِ .
فبينَ التي تهربَ إلى الزواجِ طمعا في الخلفةِ حيثُ يهددها الزمنُ بفقدانِ الرحمِ ، وبينَ الهاربةُ منْ الفقرِ إلى أحضانِ الثراءِ ، الهاربةَ منْ فقرِ المشاعرِ إلى المتعةِ الجسديةِ ، وبينَ التي تهربَ منْ بيتِ أبيها حيثُ الاغتصابُ إلى الأملِ في العريسِ الفارسِ الذي يحميها منْ غدرِ الأبِ .

تجتمع أربعةُ قصصٍ مختلفةٍ تبدوا أسبابها متكررةً للمتفرجِ ولكنَ الكاتبةَ تصدمهُ بأنَ المجرمَ الحقيقيَ هوَ المتفرجُ نفسهُ كعضوٍ في المجتمعِ الذي يضغطُ على المرأةِ ليتحولَ المشاهدَ منْ متفرجٍ إلى متهمِ حقيقةٍ يقبعُ خلفَ قضبانِ السجنِ في آخرٍ المسرحيةِ ، فهو العريس البخيل وهو الاب المغتصب و هو الشباب الذي يستغل جسد الفتاة باسم الحب

أربعةُ قصصٍ تصدى لهمْ مخرجٌ واعي اسمهُ مايكلْ نصحي قررَ أنْ يتعاملَ معَ العرضِ بالرمزياتِ ، فالموضوعُ شائكٌ ومواجهةُ المشاهدِ أنهُ أحدُ الأخطاءِ لهوَ أمرَ مثلٌ حدِ السيفِ ، فقررَ أنْ يبدأَ منْ المنتصفِ منْ النقطةِ البيضاءِ ليعودَ معَ كلِ فتاةٍ إلى بدايةِ المشكلةِ حيثُ كانتْ طفلةٌ ،
تلاعبٌ بالإضاءةِ بينَ الأبيضِ في بدايةِ المسرحيةِ إلى الظلامِ الخانقِ في النهايةِ معَ استخدامِ اللوانْ الأزرقَ والأحمرِ مصحوبةٌ بتنويعاتِ الموسيقى المختلفةِ ، ربطُ أجسادِ العرائسِ بشريطٍ ملفوفٍ على الرقبةِ أوْ حبالٍ فأعطيَ المشاهدُ إحساسَ الألمِ الخانقِ الذي يشعرنَ بهِ . .

مخرجٌ استطاعَ أنْ يقدمَ مواهبَ جبارةً في ثلاثِ عروضٍ بثلاثِ مجموعاتٍ مختلفةٍ منْ الممثلينَ لكلِ عرضٍ ، وهوَ أمرٌ يحسبُ لهُ . خصوصا معَ ظهورِ إبداعاتٍ منْ الممثلينَ مثلٍ مريمْ عادلٍ التي قدمتْ أداءً رائعا في تمثيلِ مشاعرِ الأمومةِ ، وانْ جاءَ الديكورُ محدودا في إظهارِ البعدِ المكانيِ للقصصِ بسببِ مساحةِ خشبةِ المسرحِ ، ولكنْ جاءَ إبداعُ المخرجِ في التركيزِ على التفاصيلِ الصغيرةِ لكيْ يصنعَ منها أشياءَ عظيمةً مثل سلسلةِ الأبوابِ التي رمزتْ لبابِ الفرصةِ وبابِ القبرِ ، تنوعُ سنِ الممثلينَ والتلاعبُ بالاكسسوراتْ المتنوعةَ ، لكيْ يقدمَ مسرحيةً تشعرُ أنها صالحةٌ لكلِ مكانٍ وزمانٍ . وهوَ ما أشادَ بها كبارُ الممثلينَ الذينَ حضروا العرضُ مثل القديرِ عاصمْ سامي والممثلِ ماجدْ عبدَ العظيمْ وعضوِ مجلسِ الشعبِ الأستاذِ ماجدْ طوبيا والأدبيةِ اللبنانيةِ صافينازْ . .

المسرحيةُ لعبتْ على المفارقةِ بينَ لونِ الفستانِ الأبيضِ ولونِ الكفنِ الأبيضِ لكيْ تلعبَ على سؤالٍ عميقٍ في نفسِ كلِ حواءْ .. لماذا يتحولُ بابَ الفرصةِ وفرحةِ الفستانِ إلى بوابةِ النهايةِ بالكفنِ الأبيضِ ؟ !

” بالأبيضِ ” مسرحيةً حملتْ العديدَ منْ الدلالاتِ أهمها أنَ المسرحَ ابنَ التجديدِ والإنصاتِ إلى روحِ العصرِ ، ولذلكَ حققتْ المسرحيةُ نجاحاتٍ متتاليةً وشهدتْ ميلادَ كاتبةٍ أتوقعُ لها مستقبلٌ كبيرٌ ، ونقطةُ مضيئةٌ في تاريخِ مخرجٍ واعدٍ حققَ نجاحاتٍ كبيرةً خلالَ السنواتِ السابقةِ . .

قامَ بالتمثيلِ في مسرحيةٍ بالأبيضِ ( العرضُ الثالثُ ) كلا منْ : كريستينْ مجدي ( الفستانُ ) ، مريمْ عادلٍ ( عروسهُ الأمومةِ ) ، مريمْ وجدي ( عروسة الفقرُ ) ، ماريهامْ صبحي ( عروسة الشهوةِ ) ، ميرا هاني ( عروسة الأبُ المتحرشُ ) ، عصامْ عاطفْ ( الأبُ المتحرشُ ) ، رحمةَ وليدْ ( عروسهُ الشهوةِ وهيَ طفلةٌ ) بالإضافةِ إلى 25 ممثلٍ وممثلةٍ في أدوارٍ مختلفةٍ
========
كلمات توضع في seo

فستان الفرح – مهرائيل نخله – صموئيل نبيل اديب – مسرح الهوسابير –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى