مقال

الدكروري يكتب عن وكذلك ننجي المؤمنين

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن وكذلك ننجي المؤمنين
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 8 إبريل 2024

الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علما وأحصى كل شيء عددا، له ما في السماوات وما في الأرض ومابينهما وما تحت الثرى أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه واستغفره، نعمه لاتحصى وآلاؤه ليس لها منتهى وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمدا عبده ورسوله، هو أخشى الناس لربه وأتقى، دلّ على سبيل الهدى وحذر من طريق الردى صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه معالم الهدى ومصابيح الدجى، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم واقتفى، ثم أما بعد اعلم اخي المسلم أن بعد الشدة فرج، فهذا هو نبى الله يعقوب عليه السلام يُخطف منه أحب أولاده إليه وآثرهم لديه ثم يتبعه ابنه الثاني بعد سنين، فعمي من كثرة البكاء والحزن على فقد ولديه، وبعد سنوات من الشدة والبلاء يعود له الولدان.

وهذا يونس عليه السلام يُلقى من السفينة إلى بحر متلاطم الأمواج فالتقمه الحوت ففتح عينيه، فإذا هو حي في ظلمة بطن الحوت في ظلمة البحر في ظلمة الليل، ظلمة وسط ظلمة وسط ظلمة ” فنادى فى الظلمات إن لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين” فقال الله تعالى ” فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين” وهذا أيوب عليه السلام يطول به البلاء وتنتشر في جسده الأمراض والأدواء، ويطول به الأمر حتى هجره الناس وهجره أخيرا أهله وزوجه، هجروه وتركوه ثم يدعوا الله عز وجل فيكشف ما به من سوء، وهذا نبى الله زكريا عليه السلام طال عيشه ولم يرزق بالولد كبر سنه ورق عظمه وهزل لحمه واشتعل رأسه شيبا، لكنه ما فتئ يدعو ربه حتى وهب له الذرية الصالحه، نعم لقد علموا أن بعد الشدة فرج، وهذا نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

يهاجم من كفار قريش وصناديدها ويُتهم في عقله يشاع أنه ساحر، كاهن، مجنون، يصلي عند الكعبة فتلقى على عنقه الأوساخ والقاذورات ثم يخرج من مكة طريدا فيتبعه الكفار ويقاتلونه في عدة معارك، يشج رأسه وتكسر رباعيته، وفي النهاية يدخل مكة فاتحا متواضعا، فيعفو عن كفار قريش ويقول لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء وبعد الشدة يكون الفرج، وتقول العرب “دوام الحال من المحال” ويقولون “اصبر تنل” ويقولون “كل هم إلى فرج” فإذا أصبت بمصيبة، أو نزلت بك نازلة، فتذكر أن أصعب ما في المصيبة أولها ثم تهون، وتذكر أن وقت الشدة سيزول ويذهب وأن الصبر عند الصدمة الأولى، وقيل أن ملكا من ملوك الهند طلب من وزير له أن ينقش على خاتم له جملة إذا قرأها وهو حزين فرح واذا قرأها وهو سعيد حزن فنقش الوزير “هذا الوقت سوف يمضي”

فدع الأيام تفعل ما تشاء، وطب نفسا إذا حكم القضاء، ولا تجزع لحادثة الليالي، فما لحوادث الدنيا بقاء، فإذا طرقت أحدنا مصيبة أو بلية فليحسن الظن بالله فروى المنذري من حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” قال الله عز وجل أنا عند ظن عبدى بى، إن ظن خيرا فله، وإن ظن شر فله” فإن طاعة الله والتوبة إليه ودعاؤه، من أعظم ما يُحصل به الفرج بعد الشدة، فروى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذه الكلمات عند الكرب “لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرشِ الكريم” وروى ابن أبي الدنيا قال أتي زياد برجل فأمر به ليقتل.

فلما أحس الرجل بالموت قال ائذنوا لي أتوضأ وأصلي ركعتين فأموت على توبة لعلي أنجو من عذاب الله فقال زياد دعوه فليتوضأ وليصلى ما بدا له قال فتوضأ وصلى كأحسن ما يكون فلما قضى صلاته أتي به ليُقتل فقال له زياد هل استقبلت التوبة؟ قال أي والذي لا إله غيره فخلى سبيله، فإن بعد الجوع شبع، وبعد الظمأ ري، وبعد السهر نوم، وبعد المرض عافية، سوف يصل الغائب ويهتدي الضال، ويفك العاني، وينقشع الظلام، فقال ابن رجب ومن لطائف أسرار اقتران الفرج بالكرب، واليسر بالعسر، أن الكرب إذا اشتد وعظم وتناهى، وحصل للعبد اليأس من كشفه من جهة المخلوقين، تعلق قلبه بالله وحده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى