مقال

الغضب مشكلة عظيمة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الغضب مشكلة عظيمة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 15 إبريل 2024

الحمد لله الذي يمن على من يشاء بالأولاد ويجعلهم فتنة يتبين بها الشاكر الذي يقوم بحقهم ويصونهم عن الفساد والمهمل الذي يضيعهم ويتهاون بمسئوليتهم، فيكونون عليه نقمة وحسرة في الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، لقد فتح المسلمون البلاد والأمصار، ولم يُسجل عليهم التاريخ حادثة إكراه واحدة من أجل تغيير العقيدة، بل إن أهل الذمة قد عاشوا في ظل الإسلام حياة سعيدة ومارسوا فيها حريتهم الكاملة في الاعتقاد وإقامة شعائرهم، وهذا هو المنهج الذي رسمه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم للأمة، وسار عليه وهو منهج يقوم على الحرية الدينية في أرحب مفاهيمها، فما عليه إلا بيان الحق للناس وتذكيرهم به، ومن شاء منهم فليؤمن، ومن شاء فليكفر، وإن أمة الإسلام هي أمة شامخة بإسلامها، قوية بإيمانها، عزيزة بمبادئها لأنها أمة القيم والمثل والأخلاق.

ولقد جاءت شريعة الإسلام بالأخلاق التي تقوي أواصر المودة بين الأفراد داخل المجتمع المسلم على تعدد فئاتهم مهما كانوا، وذلك من أجل أن يكون المجتمع صالحا، ومن تلك الأخلاق التي حث عليها الإسلام هو إحترام الكبار في السن، فأمر الإسلام بإحترامهم وتعظيمهم، وعدم التطاول عليهم، أو الإساءة إليهم بالأقوال والأفعال، وكما أمر الإسلام الكبير أيضا بالعطف والرحمة على الصغير، وما ذلك إلا بتبادل المنافع بين الأفراد داخل المجتمع الواحد، فماذا تصنع لو كنت جبارا وجبروتا وتحتك آلاف من الناس ثم لا يحبونك، ولهذا كان من كلامه صلى الله عليه سلم “خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تلعنونهم ويلعنونكم وتبغضونهم ويبغضونكم” وهو يواجههم بنفس الأمر يتعامل معهم بجفوة وقسوة وغلظة.

وهكذا أيضا في القضايا التي ربما يخطئ فيها الإنسان يحصل عنده غلط يحصل عنه خطأ يحصل عنده زلة ونيسان لا بد تتعامل معه بأسلوب ألطف، فهذا رجل يعطس عند ابن المبارك رحمه الله تعالى، ثم سكت ولم يحمد الله تعالى فقال له يا رجل إذا عطس الرجل ماذا يقول؟ قال يقول الحمد لله قال، وأن أقول لك “يرحمك الله” الرسالة وصلت إليه ويكفي هذا، أما أنك تنهره وتزجره، بل حتى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ربما لو كان بين الناس لأدى إلى منكر أكبر منه، ولأدى إلى أن تجرح مشاعره وأن تضره وأن تجعله يتعقد أكثر منك ومن نصائحك فلا يقبل بعد ذلك منك نصحا لا بد أن تتحين الوقت المناسب، فيقول الإمام الشافعي تعمدني النصح في انفراد، وجنبني النصح في الجماعه، فإن النصح بين الناس نوع، من التوبيخ لا أرضى استماعه.

لقد رأي النبي صلى الله عليه سلم رجل غضب غضبا شديدا احمر وجهه وانتفخت أوداجه، فقال صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة “إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه الغضب، لو قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لذهب عنه ما يجد” فهذا الصحابي ذهب لذلك الإنسان مباشرة فقال له قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم يذهب عنك ما تجد، فقال أنا مجنون، أقول هذا الكلام لماذا لم يباشره صلى الله عليه وسلم بالكلام؟ لأن الرد عليه أمر خطر، ولكن يعلم الأمة أن تعالج مثل هذه القضايا، هذا الرجل أصاب مشاعره ما يغضبها ما يجعلها كالشرر وكان كالجمر وكالنار المحترقة جعله بهذه الهيئة لو رأى نفسه لمقتها، ولقال ليست هذه صورتي ولكن نصيحته لا تكون في مثل هذا الحال، ولهذا فالغضب مشكلة عظيمة تؤدي إلى هدم الأسر وربما تؤدي إلى ارتكاب المآثم، وتؤدي إلى الكفر بالله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى