مقال

الدكروري يكتب عن توضيح معالم الشريعة

الدكروري يكتب عن توضيح معالم الشريعة
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله شارح صدور المؤمنين، فانقادوا إلى طاعته وحسن عبادته، والحمد له أن حبب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، يا ربنا نشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، ونشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، وصلى اللهم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين أجمعين، أما بعد لقد أرسل الله عز وجل الرسل مبشرين ومنذرين، ومحذرين ومرغبين، ومعلمين ومرشدين، حتى تقوم الحجة على الناس أجمعين، ورسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وضح معالم الشريعة، وبيّن أحكام الملة، وأمرنا بلزوم السنة، في أصول الدين وفروعه، ولم يقبض النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حتى تركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فالحجة قد قامت، والمحجة قد بانت والحدود قد حُدّت، والشريعة قد كملت.

وإن اتباع السنة ضمان بالهداية وأمان من الضلالة، ولما كان للسنة النبوية هذه المنزلة العلية، والرتبة السنية، فقد عني بها علماء الإسلام قاطبة، وكان لتلك العناية صور متعددة، ونماذج متنوعة ، وجمع السنة النبوية المطهرة، وتصنيف التأليف المنوعة حولها، ووضع الشروحات والتعليقات المناسبة عليها ومن عناية العلماء بالسنة المطهرة بيان حُجية السنة، وضرورةِ العمل بها، والتحذير من ردها، أو إنكارها، أما الكتاب فهو القرآن العظيم وأما الحكمة فهي السنة النبوية على صاحبها الصلاة والسلام، وإذا كان القرآن هو المصدر الأول من مصادر الإسلام فإن المصدر الثاني هو السنة النبوية وإذا كان القرآن وحيا فالسنة النبوية وحي أيضا أوحاه الله إليه لأنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق في التشريع إلا عن وحي من الله عز وجل.

وقال الإمام السيوطي رحمه الله “من أنكر كون حديث النبي صلى الله عليه وسلم، قولا كان أو فعلا بشرطه المعروف في الأصول حجة، كفر، وخرج عن دائرة الإسلام، وحُشر مع اليهود والنصارى أو مع من شاء الله من فرق الكفرة، ومن عناية العلماء بالسنة المطهرة المعرفة التامة بنقلة الأحاديث ورواة السنة وأحوالهم وأخبارهم ، وومن عناية العلماء بالسنة المطهرة تنقيحها من الأحاديث الموضوعة والضعيفة التي نشأت وانتشرت في عصور مختلفة ولأسباب متعددة، وتصنيف المؤلفات في بيانها والتحذير منها، ووضع الأسس والقواعد المبينة للصحيح من السقيم، وإنه لما بعد الزمان وطال بالناس العهد، وضعف الإيمان وكثر الخبث والنفاق وقلّ الورع ، تجرأ كثير من الناس على القول والكلام، فقال كل بهواه.

وتكلم بما لا يرضاه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وفي هذا الزمان زمان الفتن التي يرقق بعضها بعضا رأينا العجائب والعظائم، رأينا أمورا لا يسع أحد السكوت عنها بحال، فمن ذلك السخرية والاستهزاء بالسنة النبوية، ومعارضتها بالعقول والآراء، والرغبات والعادات، متناسين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم” وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم ” ولقد كانت هذه الأمة مرحومة في أول عهدها، جمعها الله على الهدى، وحماها من اتباع الهوى، ولم يكن جيل صحابة رسوله صلى الله عليه وسلم يعرفون غير محبته وطاعته وتوقيره، واتباع النور الذي أنزل معه، يتعلمونه ويعملون به ويدعون إليه في كل شؤونهم دقيقها وجليلها، صغيرها وكبيرها.

وكلما ابتعد الناس عن زمن الوحي ضعفت السنة في قلوبهم ونقص الإيمان في أفئدتهم، فخير القرن قرنه صلى الله عليه وسلم المائة سنة الأولى، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى