مقال

الدكروري يكتب عن كيفية النهوض بأعباء الحياة

الدكروري يكتب عن كيفية النهوض بأعباء الحياة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 20 مارس 2024

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد لعل كلمات ” إميل درمنجهم” في وصف النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم تذكرة لما قاله غيره ممن سبق ذكرهم في فصول مضت، حيث وصف النبي محمد صلى الله عليه وسلم قائلا ” لقد أبدى من الكرم وعظمة النفس ما لا تجد مثله في التاريخ إلا نادرا، وكان يوصي جنوده بأن يرحموا الضعفاء والشيوخ والنساء والأولاد، وكان ينهى عن هدم البيوت، وإهلاك الحرث، وقطع الشجر المثمر” وإذا كان هذا الوصف صحيحا فيما يخص حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم باعتباره مقاتلا، فقد أثبت الفكر الاستشراقي أن حياته الاجتماعية في غاية السمو.

واعلموا أن للصدق مآثر رفيعة ومناقب جليلة، وأجورا عظيمة، وأن من ضرورات الحياة الاجتماعية، ومقوماتها الأصلية، التي تقوم عليها شيوع التفاهم والتآزر بين عناصر المجتمع وأفراده، ليستطيعوا بذلك النهوض بأعباء الحياة، وتحقيق غاياتها وأهدافها، وذلك لا يتحقق إلا بالتفاهم الصحيح، وتبادل الثقة، وبديهي أن اللسان هو أداة التفاهم، ومنطلق المعاني والأفكار، والترجمان المفسر عما يدور في خلد الناس، فهو يلعب دورا خطيرا في حياة المجتمع، وتجاوب مشاعره وأفكاره وعلى صدقه أو كذبه ترتكز سعادة المجتمع أو شقاؤه، فإن كان اللسان صادق اللهجة، أمينا في ترجمة خوالج النفس وأغراضها، أدى رسالة التفاهم والتواثق، وكان رائد خير، وإن كان متصفا بالخداع والتزوير، وخيانة الترجمة والإعراب، غدا رائد شر، ومدعاة تناكر وتباغض بين أفراد المجتمع.

من أجل ذلك كان الصدق من ضرورات المجتمع وحاجاته الملحة، وكانت له آثاره وانعكاساته في حياة المجتمع فهو نظام عقد المجتمع السعيد، ورمز خلقه الرفيع، ودليل استقامة أفراده ونبلهم، والباعث القوي على طيب السمعة، وحسن الثناء والتقدير، وكسب الثقة والائتمان من الناس، وكما له آثاره ومعطياته في توفير الوقت الثمين، وكسب الراحة الجسمية والنفسية، فإذا صدق المتبايعون في مبايعاتهم، ارتاحوا جميعا من عناء المماكسة، وضياع الوقت الثمين في نشدان الواقع، وإذا تواطأ أرباب الأعمال والوظائف على التزام الصدق، كان ذلك ضمانا لصيانة حقوق الناس، واستتاب أمنهم ورخائهم، وإذا تحلى كافة الناس بالصدق، أحرزوا منافعه الجمة، ومغانمه الجليلة، وإذا شاع الكذب في المجتمع، وهت قيمه الأخلاقية، وساد التبرم والسخط بين أفراده، وعز فيه التفاهم والتعاون.

وغدا عرضة للتبعثر والانهيار، وإن أعظم ما في الصدق أنه يقود صاحبه إلى الجنة، وهذا هو الفوز، فعن أبي أمامة، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا وببيت في أعلى الجنة لمن حسُن خلقه” رواه أبو داود فهذا هو الربح الأوفر لأهل الصدق، وأي ربح أعظم من الجنة، ومن ثمرات الصدق أنه يميز أهل النفاق من أهل الإيمان، وسكان الجنان من أهل النيران، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام “آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب” رواه البخاري، فالبصدق تعلو منزلتك عند خالقك ويشرف قدرك عند خلقه، وبالصدق يصفو بالك ويطيب عيشك، ومن أجل ذلك كله كان الصدق من أهم المطالب في هذه الحياة، لذا فهو منجاة والطريق إليه صعب المنال، فلا يطيقه إلا أهل العزائم ولا يصبر عليه إلا أصحاب الهمم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى