مقال

الكلمة .. بقلم أشرف فوزى

الكلمة
بقلم /أشرف فوزى

أتعرف ما معنى الكلمة، مفتاح الجنة فى كلمة، دخول النار على كلمة، وقضاء الله هو كلمة، الكلمة نور.. وبعض الكلمات قبور». 

«أتعرف ما معنى الكلمة؟»، هذا هو السؤال الذى خلق بداخلى ذلك الإحساس المقدس بالكلمة، وأضاء لى مخاطرها التى يمكن أن تكون قبورًا، كما يمكن لها أن تكون نورًا، لذا ظلت الكلمة هى المقياس لدى، وهى المقدسة فى كل ما أفعل فى حياتى.
كل من يعرفنى عن قرب يعرف أننى أتعامل مع الكلمات بمقياس يتجاوز فى دقته مقياس الذهب، وأحاول بقدر المستطاع أن أستخدم الكلمات بأكبر قدر من الدقة وفى حدودها المرسومة. يُلاحظ من يعرفنى إلى أى مدى أحترم الكلمة وأقدس قيمتها وقدرها.

الكلمة ميثاق شرف، وقد عُرف عن العربي أنه شديد الاعتداد بكلمته، وأنه قد يضحي بحياته من أجل كلمة ألزم بها نفسه دون أن يبالي بحياته في سبيل الثبات على كلمته.

ومن جهة أخرى، فإن العربي شديد الحساسية للكلمة، لذلك قال أهل البلاغة قديما: لكل مقام مقال، وهي قاعدة في التواصل بين الناس، خصوصا من ذوي المقامات المختلفة ، تؤدي مخالفتها إلى عواقب غير محمودة
وكم من كلمة رفعت شخصا، وحطّت من قيمة آخر، وإذا كان الإنسان يموت فإن الكلمة لا تموت، كما لا يموت أثرها بين الناس، ومن أوضح الأمثلة على هذا تأثير قصائد المدح والهجاء التي تُقال في حق بعض الأشخاص، فتخلّدهم كما وصفوا شعريا، وليس كما عُرِف عنهم واقعيا.

والكلمة تؤدي أحيانا إلى موت شخص، وبكلمة قد تُكتب لآخر حياة جديدة،

والكلمة على مدى التاريخ الإنساني فتحت بلادا، وهزمت جيوشا، وقد دخل الناس الإسلام في عصر النبوة بالكلمة، وكان القرآن معجزة رسولنا الكريم – عليه الصلاة والسلام، إذ اعتمد على بلاغة الكلمة في الوصول إلى عقول الناس وقلوبهم، فكان ذلك سر إعجازه أمام أمة اشتُهرت بفصاحتها وبلاغتها، بل أمام أفضل قبائلها فصاحة وبلاغة.

وتعدّ الكلمة وسيلة مهمة من وسائل تحفيز الجند وبث روح الحماسة فيهم في حالة الحرب، وذلك من خلال الخطب التي يلقيها القائد أمام جموع جنده، أو من خلال الأغاني والأناشيد الحماسية التي يرددها الجند أو الفرق المصاحبة لهم.

وكثيرا من يقول علماء الاجتماع إن قوة الكلمة تعادل أو ربما تتفوق على أي قوة أخرى توصل لها الإنسان، كقوة الكهرباء أو الطاقة الذرية أو النووية أو غيرها، لأنها تمس الروح والعقل والقلب، فيكون تأثيرها أكبر إذ تحفز الجسد لفعل أو رد فعل، أما بقية القوى الأخرى فإنها تمسّ الجسد فقط وقد تفنيه، فلا تكون بمستوى التأثير الذي تلحقه الكلمة.

وعلى صعيد الأدب والفن، نجد أن الكلمة الجميلة كانت دائما ذات تأثير كبير على العربي، فقد كان العرب شديدي الاحتفاء بالشعر، يهتزون عند سماعه، ويطربون له وبه، لإحساسهم بالكلمة، وليس فقط لتأثرهم بالوزن والقافية، والدليل أنهم كانوا يحتفون بروائع النثر احتفاء كبيرا أيضا.
يشهد العالم اليوم في مجال تكنولوجيا الاتصال تطوراً كبيراً، فلقد أدى هذا التطور المتسارع إلى إنتاج وسائل حديثة في أغلب مواقع التواصل الاجتماعي، والتغييرات الجذرية على هذه المواقع مست الحياة من جميع جوانبها ولكن رغم فعالية شبكات التواصل الاجتماعي في نقل وتداول الأحداث بشكل سريع ونطاق واسع، إلا أنها في المقابل أصبحت كالنار في الهشيم كونها بيئة خصبة لنمو الشائعات والأخبار المغلوطة التي يتم نشرها وتداولها بكل سهولة لما تمتلكه تلك الوسائل من إمكانيات تقنية وفنية متطورة.

«رب كلمةٍ نابيةٍ أدت إلى خصومة، ورب كلمةٍ جافيةٍ فرقت شمل أسرة، ورب كلمةٍ طاغيةٍ أخرجت الإنسان من دينه، ولكن رب كلمةٍ حانيةٍ أنقذت حياة، ورب كلمةٍ طيبةٍ جمعت شملاً، ورب كلمةٍ صادقةٍ أدخلت الجنة، ومن هنا كان للكلمة أهميتها وأثرها». مواقع التواصل الاجتماعي بشتى أنواعها هي إحدى آليات الأعمال الجارية بنوعيها، الحسنات الجارية أو السيئات الجارية والإنسان نفسه من يختار الآلية التي ستحتم مصيره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى