مقال

نسائم الايمان ومع الحياة الطيبة ” الجزء الثانى

نسائم الايمان ومع الحياة الطيبة ” الجزء الثانى ”

إعداد/ محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع الحياة الطيبة، وفي القلب فقر وفاقة وحاجة واضطرار إلى الله عز وجل فمهما جمع العبد من الأموال ، ولم يعرف ربه جل وعلا ولم يعبده بأمره ونهيه، فالضنك والشقاء نصيبه في الدنيا والآخرة، فيقول تعالى “فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون” ومن تمام نعمة الله على العبد أن يجمع له مع المال العلم النافع الذي يتقي به ربه تعالى ويضعه في موضعه ويقول النبى صلى الله عليه وسلم “لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ” رواه البخاري ومسلم، وسبيل السعادة ليس يدرك بالجاه والشهرة.

 

ففي ختام قصة قارون صاحب المال والثروة العظيمة يقول الله تعالى “تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين” فلا يسعد العبد بالشهرة بحال من الأحوال بل قد تكون من أسباب الضيق والكدر، وربما انتهت حياة كثير منهم بالبؤس والشقاء وربما الانتحار، وإن الجاه والمنصب بريق زائف زائل لا يسعد به العبد في الدنيا ولا في الآخرة إلا من وفقه الله ليسخرها في الطاعة والمعروف والإصلاح بين الناس، فذلكم هو الجاه المحمود، وبعض الناس طلبوا السعادة في الشهوات المحرمة فظل عاكفا على ذلك في ليله ونهاره وغدوه ورواحه فقبع في سجن الشهوة ثاويا وفي بئر المعصية ساقطا وفي أودية الحيرة هائما.

 

وشقاء القلب بالمعاصي، وضيق الصدر بالإعراض عن ذكر الله، والسعادة والطمأنينة بطاعة الله وعبادته، فيقول تعالى “ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة” وبعض من الناس الذين بُهروا بغير المسلمين ومدنيتهم المزعومة وظنوا أنهم في قمة السعادة لأنهم يعيشون في أغنى بلاد العالم وعندهم من الشهوات والحريات والإباحية ما هو كفيل بإسعادهم وراحتهم، ولكن الواقع يشهد على أن القوم في قمة الشقاء والبؤس والضنك لأنهم يجهلون أن طريق السعادة الحقيقي إنما هو في عبادة الله وتوحيده، ولم يحصلوا على السعادة التي ينشدونها إلا وهما نتاجه فساد العقائد وانحلال الأخلاق، أسر متفككة وقيم ضائعة، فهم في شقاء وضنك بسبب كفرهم وإعراضهم عن الحق.

 

فهم كما يقول تعالى “في ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور” وما أرخص الحياة بغير عقيدة ، وما أتفه الإنسان بغير إيمان، فحاله أخس من الحيوان، فلا بد أن يعرف المؤمن حقيقة السعادة، وأن تكون نظرته للحياة نظرة صحيحة سوية لأن بعض الناس ينظر للدنيا نظرة غير سوية، أو ينظر للمال نظرة غير سوية، وبسبب هذه النظرة تتأثر تصرفاته في هذه الحياة، وربما تصرف تصرفات غريبة، والسبب في ذلك هو سوء النظرة، والفهم غير الصحيح للسعادة، والفهم غير الصحيح للحياة الدنيا، فهذه الحياة الدنيا لابد أن يستحضر المؤمن أنها دار ممر وعبور، وأنه لن يخلد فيها إلى أبد الآباد.

 

وأنه مهما أعطي فيها من متع الدنيا فإنه لابد من لقاء الله عز وجل، فسبحانه وتعالى القائل “يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه” وقال تعالى كما جاء فى سورة الشعراء “أفرأيت إن متعناهم سنين، ثم جاءهم ما كانوا يوعدون، ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون” فهذه الدنيا لا تصفو لأحد، لكن لو افترض أنها صفت لأحد من المكدرات والمنغصات فإنها زائلة وفانية، ولا بد من لقاء الله عز وجل، ولا بد بعد ذلك من بعث وجزاء وحساب ونشور، فقال تعالى كما جاء فى سورة الزلزلة “فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره” فلابد من النظرة السوية، النظرة الصحيحة لهذه الحياة الدنيا، والنظرة الصحيحة للسعادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى