مقال

فريضة الحج وبناء الكعبة المشرفة ” الجزء الأول”

فريضة الحج وبناء الكعبة المشرفة ” الجزء الأول”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

إن الحج المبرور هو الحج الذي وفيت أحكامه، ووقع موقعا لما طلب من المكلف على الوجه الأكمل، وله علامات يتحقق بها بر الحج، كما أن هناك أمورا تنافي ذلك، والناس يتفاوتون في حجهم تفاوتا عظيما، على حسب قربهم وبعدهم من هذه الصفات والعلامات، وأول الأمور التي يكون بها الحج مبرورا هو إخلاص العمل لله تعالى وهو ميزان الأعمال وأساس قبولها عند الله عز وجل، فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا وابتغى به وجهه الكريم، فعليك أيها الحاج أن تفتش في نفسك، وأن تتفقد نيتك، ولتحذر كل الحذر من أي نية فاسدة تضاد الإخلاص، وتحبط العمل، وتذهب الأجر والثواب كالرياء والسمعة وحب المدح والثناء والمكانة عند الخلق، فقد حج رسول الله صلى الله عليه وسلم،على رحل رث.

 

وقطيفة تساوي أربعة دراهم ثم قال “اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة” وكذلك المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيجب على الحاج أن يحرص على أن تكون أعمال حجه موافقة لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولن يتم لك ذلك إلا بتعلم صفة حجه عليه الصلاة والسلام فهو القائل كما في حديث جابر رضي الله عنه “لتأخذوا عني مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه” رواه مسلم، وكذلك الإعداد وتهيئة النفس قبل الحج وذلك بالتوبة النصوح، واختيار النفقة الحلال والرفقة الصالحة، وأن يتحلل من حقوق العباد، إلى غير ذلك مما هو مذكور في آداب الحج، وطيب المعشر، وحسن الخلق، وبذل المعروف، والإحسان إلى الناس بشتى وجوه الإحسان من كلمة طيبة، أو إنفاق للمال.

 

أو تعليم لجاهل، أو إرشاد لضال، أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر، وقد كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول “إن البر شيء هين وجه طليق، وكلام لين” ومن أجمع خصال البر التي يحتاج إليها الحاج هو ما وصّى به النبي صلى الله عليه وسلم أبا جُري الهُجيمي حين قال له “لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تعطي صلة الحبل، ولو أن تعطي شسع النعل، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تنحي الشيء من طريق الناس يؤذيهم، ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منطلق، ولو أن تلقى أخاك فتسلم عليه، ولو أن تؤنس الوحشان في الأرض” رواه أحمد، ومنها الاستكثار من أنواع الطاعات، والبعد عن المعاصي والمخالفات، فقد حث الله عباده على التزود من الصالحات وقت أداء النسك.

 

ونهاهم عن الرفث والفسوق والجدال في الحج، وقال صلى الله عليه وسلم “من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه” متفق عليه، والرفث هو الجماع وما دونه من فاحش القول وبذيئه، وأما الفسوق، فقد رُوى عن ابن عباس رضي الله عنهما وغير واحد من السلف أنه المعاصي بجميع أنواعها، والجدال هو المراء بغير حق، فينبغي عليك أيها الحاج إذا أردت أن يكون حجك مبرورا أن تلزم طاعة ربك، وذلك بالمحافظة على الفرائض، وشغل الوقت بكل ما يقربك من الله عز وجل من ذكر ودعاء وقراءة قرآن، وغير ذلك من أبواب الخير، وأن تحفظ حدود الله ومحارمه، فتصون سمعك وبصرك ولسانك عما لا يحل لك، وأن يستشعر حكم الحج وأسراره.

 

وهناك فرق كبير بين من يحج وهو يستحضر أنه يؤدي شعيرة من شعائر الله، وأن هذه المواقف قد وقفها قبله الأنبياء والعلماء والصالحون، فيذكر بحجه يوم يجتمع العباد للعرض على الله، وبين من يحج على سبيل العادة، أو للسياحة والنزهة، أو لمجرد أن يسقط الفرض عنه، أو ليقال “الحاج فلان” وإن العلماء قد اختلفوا هل فرض الحج في السنة السادسة من الهجرة، أم في السنة التاسعة من الهجرة؟ والصواب أنه في السنة التاسعة من الهجرة، وأما قوله تعالى “وأتموا الحج والعمرة لله” التي نزلت في الحديبية فهذا أمر بالإتمام وليس أمر ابتداء، أمر الابتداء جاء في قوله تعالى “ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا” وهذه الآية نزلت في السنة التاسعة من الهجرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى