مقال

نفحات إيمانية ومع السرقة والمال العام “الجزء الثانى”

نفحات إيمانية ومع السرقة والمال العام “الجزء الثانى”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع السرقة والمال العام، وأن المال العام أمانة عند كل فرد من أفراد المجتمع سواء أكان مسؤولا عنه أم مستخدما له، فيجب عليه أن يحافظ على تلك الأمانة، وأن يرعاها، وأن يردها كاملة غير منقوصية، ومن هنا وجب على كل إنسان أن يحترم المال العام وسائر مرافق الدولة من المدارس والمعاهد والمستشفيات والطرق ووسائل النقل وغيرها من المرافق العامة باعتبارها ملك للناس جميعا، فعلينا أن نتصدى لكل ألوان التخريب أو الإفساد، مؤكدين أن المساس بها يعد جريمة شرعية وخيانة وطنية، والحفاظ على المال العام لا يقف عند حدود الوفاء بحقه، أو عدم الإهمال في شأنه، وإنما يجب أن نتحول إلى العمل الإيجابي بالحفاظ على هذا المال.

 

كمالنا الخاص وزيادة، وأن نعمل على صيانته وحفظه من الضياع، وعلى حسن استخدامه واستثماره على الوجه الأكمل إن كان في نطاق الاستثمار، وعلى الجملة يجب أن يتعامل الإنسان مع المال العام في مجال الحفاظ عيه وحسن استثماره كما يتعامل مع ماله الخاص وأشد، ذلك أنه لو قصر في حق ماله الخاص لكان مردود التقصير عليه وحده، أما لو قصر في حق المال العام فالخسارة أفدح والمسؤولية أشد والإثم أكبر، فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى، فهو سبحانه القائل ” لا تخوتوا الله والرسول وتخونوا اماناتكم وأنتم تعلمون” ألا وإن من أعظم الأمانات هو حفظ المال العام، وخطورة الاعتداء عليه، فما هو المال العام، وما هو منهج الكتاب والسنة في الحفاظ على المال العام.

 

وجزاء المعتدي عليه في الدنيا والآخرة، وما صور الاعتداء عليه، وكيف نربّي أنفسنا وأولادنا على المحافظة عليه؟ فيدخل في المال العام كل ما يدخل في ميزانية الدولة، وكل مال ليس له مالك إلى بيت المال، ولقد أرشدنا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إلى وسائل الحفاظ على المال العام وتنميته، فمن ذلك هو الدعوة إلى تنميته واستثماره حماية له من الاندثار والضياع، من خلال تحريم كنزه، ومن خلال تنمية المال بالعمل، ومن خلال الأمر بكتابة الأموال والإشهاد عليها، ومن خلال الأمر بمراقبة المال العام وحفظه، ومن وسائل المحافظة على المال العام أيضا هو تكبيره بالطرق الشرعية كأموال الزكاة وأموال الفيء وخُمس الغنائم وأموال الجزية.

 

ومنها الاعتدال وترشيد الاستهلاك، ومنها المحافظة عليه من الرّبا، ومنها عدم تسليم المال لمن لا يُحسن التصرف، ولأجل ذلك، فإن من أعظم الظلم هو الاعتداء على المال العام، كالاعتداء عليه بالسرقة، والاعتداء عليه بالغلول، ومنها الاعتداء عليه بصرفه في الباطل، ومنها الاعتداء عليه بعدم أداء الأمانة، ومن الخيانة هو أخذ الرشوة، ومن مظاهرِ الاعتداء على المال العام هو الإتلاف، ومنه تخريب المباني والحدائق وأثاث المدارس، كتشويه منظرها بالكتابة عليها، أو كسر النوافذ الزجاجية منها، أو إتلاف الأشجار، ومن مظاهر الاعتداء على المال العام هو الاستيلاء، ومنه الاختلاس والنصب والاحتيال، ومنها الغش ومنه عدم الوفاء بالشروط في تنفيذ العقود.

 

والتساهل في الرقابة عليها، فقال صلى الله عليه وسلم “من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا” رواه مسلم، ومن مظاهر الاعتداء هو الإهمال، فلا يبذل الموظف جهده لأداء عمله، وكل من أهمل أداء عمله فهو معتدى على المال العام، فنقول لمن يفعل ذلك عمدا أو عفوا وتساهلا اتق الله في المال العام؟ هل هذا هو ردك لجميل من وثق بك وبأمانتك ووضعك في هذا المكان؟ استمع لتطبيق السلف لمبدأ الورع عن المال العام فهذا عمر بن عبد العزيز جاءه أحد الولاة وأخذ يحدثه عن أمور المسلمين وكان الوقت ليلا، وكانوا يستضيئون بشمعة بينهما، فلما انتهى الوالي من الحديث عن أمور المسلمين وبدأ يسأل عمر عن أحواله قال له عمر انتظر، فأطفأ الشمعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى