مقال

نفحات إيمانية ومع المغيرة بن شعبة الثقفى ” جزء 2″

نفحات إيمانية ومع المغيرة بن شعبة الثقفى ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع المغيرة بن شعبة الثقفى، فكان المغيرة بن شعبة هو أول من وضع ديوان البصرة وجمع الناس ليعطوا عليه، ثم عزل عن البصرة لتهمة لم تثبت، وقد ولاه الخليفة عمر بن الخطاب، بعدها الكوفة، فكان الرجل يقول للآخر، غضب الله عليك كما غضب أمير المؤمنين على المغيرة عزله عن البصرة وولاه الكوفة، وظل واليا للكوفة حتى قتل الخليفة عمر بن الخطاب، فاستمر في عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان حينا ثم عزله، وقد اعتزل المغيرة بن شعبة، الفتنة أيام الإمام علي بن أبى طالب، فلقيه عمار بن ياسر في سكك المدينة فقال له هل لك يا مغيرة أن تدخل في هذه الدعوة فتسبق من معك وتدرك من سبقك؟ فقال وددت والله أني علمت ذلك.

 

وإني والله ما رأيت عثمان بن عفان مصيبا ولا رأيت قبله صوابا فهل لك يا أبا اليقظان أن تدخل بيتك وتضع سيفك وأدخل بيتي حتى تنجلي هذه الظلمة ويطلع قمرها فنمشي مبصرين؟ فقال عمار، أعوذ بالله أن أعمى بعد إذ كنت بصيرا يدركني من سبقته ويعلمني من علمته، فقال المغيرة له يا أبا اليقظان إذا رأيت السيل فاجتنب جريته، وقد حج المغيرة بالناس سنة أربعين للهجرة لما كان معتزلا بالطائف، ولما آل الأمر إلى معاوية بن أبي سفيان قدم عليه، فاستشاره معاوية في أن يولي عمرو بن العاص على الكوفة، وابنه عبد الله على مصر، فقال المغيرة يا أمير المؤمنين تؤمر عمرا على الكوفة وابنه على مصر وتكون كالقاعد بين فكي الأسد، قال ما ترى ؟ قال أنا أكفيك الكوفة.

 

فولي الكوفة لمعاوية إلى وفاته، وكان المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، رجلا طوالا مهيبا، ضخم الهامة، أصيبت عينه في اليرموك وقيل في القادسية، وقيل بل نظر إلى الشمس وهي مكسوفة فذهب ضوء عينه، وكان واحدا من دهاة العرب المشهورين حتى قيل له مغيرة الرأي، وقد حدث عنه بعض أصحابه فقال صحبت المغيرة فلو أن مدينة لها ثمانية أبواب لا يخرج من باب منها إلا بمكر لخرج من أبوابها كلها، وقيل عنه ما غلبه أحد في الدنيا كما كان يقول إلا شاب من قبيلة بلحارث بن كعب، حين خطب المغيرة امرأة فقال له الشاب، أيها الأمير لا تنكحها فإني رأيت رجلا يقبلها، فانصرف عنها، فتزوجها الشاب، فقال له المغيرة ألم تقل إنك رأيت رجلا يقبلها؟

 

قال بلى رأيت أباها يقبلها وهي صغيرة، وقيل عنه أنه كان مزواجا مطلاقا أحصن أكثر من ثمانين امرأة، وطعن في بطنه يوم القادسية فجيء بامرأة من طيء تخيط بطنه فلما نظر إليها قال ألك زوج؟ قالت وما يشغلك ما أنت فيه من سؤالك إياي؟ وكان يقول صاحب الواحدة إن زارت زار، وإن حاضت حاض، وإن نفست نفس، وإن اعتلت اعتل، وصاحب الثنتين في حرب هما ناران تشتعلان، وصاحب الثلاث في نعيم، فإذا كن أربع كان في نعيم لا يعدله شيء، وكان من أقواله رضي الله عنه اشكر لمن أنعم عليك وأنعم على من شكرك، فإنه لا بقاء للنعمة إذا كفرت ولا زوال لها إذا شكرت، إن الشكر زيادة من النعم وأمان من الفقر، وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث.

 

وروى عنه أولاده عروة وحمزة وعقار، والمسور بن مخرمة ومسروق وغيرهم، والمغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود الثقفي، هو أبو عيسى، ويقال أبو عبد الله، وكان من دهاة العرب وذوي آرائها، ولقد كان الإمام على بن أبى طالب كثير النصح لعثمان بن عفان بالاستماع إلى الآخر، وتأمل وجهة النظر المخالفة، وخصوصا خلال الفترة التى شهدت تمردا من جانب جماعات من مصر والبصرة والكوفة على حكمه، لكن الأمر اختلف عندما تولى خلافة المسلمين بعد استشهاد الخليفه عثمان بن عفان فكان الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه، أميل إلى تحكيم رأيه، وكانت الشورى من وجهة نظره تعنى فقط إفساح المجال للقريبين منه كى يقدموا وجهة نظرهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى