مقال

نفحات إيمانية ومع دعائم الأمن والاستقرار ” جزء 6″

نفحات إيمانية ومع دعائم الأمن والاستقرار ” جزء 6″

بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع دعائم الأمن والاستقرار، فالوراثة الحضارية إنما تتحقق بالصلاح وإرادة الإصلاح، ذلك ان البقاء للأصلح، وليس البقاء للأقوى، فقال الله تعالى فى سورة الأنبياء “ولقد كتبنا فى الزبور بعد الذكر أن الله يرثها عبادى الصالحون” فالصالحون المصلحون الذين يقربون بين النفوس المتشاكسة والقلوب المتنافرة ويسعون في سبل الخير وإصلاح ذات البين، هؤلاء هم انصار الحق وحراس الفضيلة وبناة المجتمع السليم من الأمراض الاجتماعية الخالي من عوامل الفرقة والتشتت، فهذا الصنيع يستحقون من خلاله وسام الاستخلاف الحضاري، لأن العاقبة الحسنة تكون للصالحين المتقين، ولا ننسى أيضا المتصالحين الذين حطموا في أنفسهم أصنام الأثرة والأنانية .

 

وانصاعوا طائعين لدعوة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لهم بإيثار الصلح ونبذ الخلاف كل خير وعطاء، وإن الانتماء إلى الوطن ركن أساس في الحياة الاجتماعية، بدون هذا الانتماء يصبح الإنسان بدون هوية معلقا بين السماء والأرض، فالانتماء مسألة ضرورية لتكوين العلاقات الحميمة بين أبناء المجتمع الواحد، وينشأ من الانتماء إلى الوطن شعور غامر بأن الوطن هو بيته وداره وانه مسؤول عن سلامته وأمنه ورفاهيته وديموميته، عندما يتولد هذا الانتماء يصبح الفرد جزءا من الكل، وانه لبنة في بناء كبير ويترتب على هذه المشاعر مسؤوليات ازاء الوطن ومن يعيش على أرضه. فيتمنى أن يرى وطنه بأبهى صورة من جمال الطبيعة وجمال المدن والمرافق العامة والمباني.

 

يتوقع أن يرى أبناء وطنه على أفضل صورة وهم يمارسون حياتهم الطبيعية بشوق ولهفة ويتوقع أن يرى سواح بلاده وهم يحملون أفضل الانطباع عن وطنه بعد زيارتهم له وعودتهم إلى بلدانهم، ويتوقع أن يرى وطنه نظيفاً سليما من الجهل والمرض تنتشر فيه المدارس والجامعات وتعمه المراكز الصحية من مستشفيات ومصحات، ويتوقع أن يرى وطنه وقد أصبح في مصاف البلدان الراقية والمتطورة اقتصاديا وثقافيا وصحيا، يتمنى أن يضرب وطنه الرقم القياسي في الرخاء الاقتصادي والامن الاجتماعي والتقدم العمراني والسلامة الصحية والرقي الثقافي ويرافق جميع هذه التوقعات والتمنيات عمل جاد يقوم به كل فرد في المجتمع حسب امكاناته والأدوار التي يقوم بها.

 

ومن هنا كان من الضروري على المربين والمرشدين أن يخلقوا المشاعر الوطنية في نفوس ابناء الوطن منذ الصغر حتى تنموا هذه المشاعر مع نموهم الفسيولوجي، فتنمية هذه المشاعر هي مسؤولية دينية ووطنية وهي مسؤولية كل من يريد الأمن والاستقلال والاستقرار للبلاد وكل من يريد ابعاد الوطن عن شبح الصراعات والمعارك الداخلية التي تنجم عن انتماءات وهمية تتحول إلى انتماءات مؤثرة ومحركة لفصائل المجتمع، وهكذا عندما تطغى الانتماءات الثانوية على الانتماء الحقيقي للوطن تبدأ الازمات وتنتشر الخرقات فتنهار الأسس والضوابط التي يقوم عليها بناء الدولة والأمة، فيتبدد كل أمل بالأمن والسلام والاستقرار.

 

وبالأمن والاستقرار تقام الشعائر، وتعمر المساجد، ويأمن السبيل، لأن الخوف والاضطراب مانعان من ذلك، وكم عطلت من جمع وجماعات بسبب الاضطراب والخوف، وكتب التاريخ مملوءة بأخبار تعطل المساجد بسبب الفتن التي أشعلت بين طوائف من أهل القبلة، ولما دخل التتار بغداد فأثاروا فيها الرعب والهلع، وأعملوا السيوف في أهلها تعطلت الجمع والجماعات أربعين يوما، وبالأمن والاستقرار يزدهر العمران، وتبدع العقول، وتنتشر المعارف والعلوم، وأقوى سبب يعيق ذلك ويوقفه الخوف والاضطراب لأن العقول المبدعة، والأيادي الناجحة تفارق البلدان المضطربة إلى حيث الأمن والاستقرار، فلا يبقى إلا أهل الحرب والدم يثيرون الذعر في الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى