مقال

نفحات إيمانية ومع أبا حنظله مالك بن نويرة ” جزء 5″

نفحات إيمانية ومع أبا حنظله مالك بن نويرة ” جزء 5″

بقلم / محمــــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع أبا حنظله مالك بن نويرة، ولما كان مالك بن نويرة يظهر الإسلام والصلاة كان الواجب على خالد أن يتحرى ويتأنى في أمره، وينظر في حقيقة ما يؤول إليه رأى مالك بن نويرة في الزكاة ، فأنكر عليه من أنكر من الصحابة رضوان الله عليهم، وقد جاء في البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله” فبث خالد السرايا في البطاح يدعون الناس، فاستقبله أمراء بني تميم بالسمع والطاعة، وبذلوا الزكوات إلا ما كان من مالك بن نويرة، فكأنه متحير في أمره، متنح عن الناس، فجاءته السرايا فأسروه وأسروا معه أصحابه، واختلفت السرية فيهم، فشهد أبو قتادة الحارث بن ربعى الأنصارى أنهم أقاموا الصلاة.

 

وقال آخرون إنهم لم يؤذنوا ولا صلوا، ولما كان مالك بن نويرة من وجهاء قومه وأشرافهم، واشتبه موقفه في بداية الأمر، شكا أخوه متمم بن نويرة ما كان من خالد إلى أبى بكر الصديق رضي الله عنه، فعاد ذلك بالعتاب على خالد، وتخطئته في إسراعه إلى قتل مالك بن نويرة، قبل رفع أمره إلى أبي بكر الصديق وكبار الصحابة رضوان الله عليهم، وكما روى خليفة بن خياط قال حدثنا علي بن محمد عن أبي ذئب عن الزهرى عن سالم عن أبيه قال قدم أبو قتادة على أبي بكر فأخبره بمقتل مالك وأصحابه، فجزع من ذلك جزعا شديدا، فكتب أبو بكر إلى خالد فقدم عليه، فقال أبو بكر هل يزيد خالد على أن يكون تأول فأخطأ ؟ ورد أبو بكر خالدا.

 

وودى مالك بن نويرة، ورد السبي والمال، وقال ابن حجر في كتابه الإصابة” فقدم أخوه متمم بن نويرة على أبي بكر، فأنشده مرثية أخيه، وناشده في دمه وفي سبيهم، فرد أبو بكر السبى، وذكر الزبير بن بكار أن أبا بكر أمر خالدا أن يفارق امرأة مالك المذكورة، وأغلظ عمر لخالد في أمر مالك، وأما أبو بكر فعذره، وهذا غاية ما يمكن أن يقال في شأن قتل خالد بن الوليد مالك بن نويرة، أنه إما أن يكون أصاب فقتله لمنعه الزكاة وإنكاره وجوبها بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم، أو إنه أخطأ فتسرع في قتله وقد كان الأوجب أن يتحرى ويتثبت، وعلى كلا الحالين ليس فى ذلك مطعن في خالد رضي الله عنه، وفى ذلك يقول ابن تيمية رحمه الله في “منهاج السنة ”

 

مالك بن نويرة لا يعرف أنه كان معصوم الدم، ولم يثبت ذلك عندنا، ثم يقال غاية ما يقال في قصة مالك بن نويرة إنه كان معصوم الدم، وإن خالدا قتله بتأويل، وهذا لا يبيح قتل خالد، كما أن أسامة بن زيد لما قتل الرجل الذى قال لا إله إلا الله وقال له النبي صلى الله عليه وسلم ” يا أسامة أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله ؟ يا أسامة أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله ؟ يا أسامة أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله ؟ ” فأنكر عليه قتله، ولم يوجب قودا ولا دية ولا كفارة، وقد روى محمد بن جرير الطبرى وغيره عن ابن عباس وقتادة أن هذه الآية قوله تعالى ” ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا” أنها نزلت في شأن مرداس، وهو رجل من غطفان.

 

فقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم جيشا إلى قومه، عليهم غالب الليثى، ففر أصحابه ولم يفر، قال إنى مؤمن، فصبحته الخيل، فسلم عليهم، فقتلوه وأخذوا غنمه، فأنزل الله هذه الآية، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برد أمواله إلى أهله وبديته إليهم، ونهى المؤمنين عن مثل ذلك، وكذلك خالد بن الوليد قد قتل بني جذيمة متأولا، ورفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال” اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد ” ومع هذا فلم يقتله النبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان متأولا فإذا كان النبى صلى الله عليه وسلم لم يقتله مع قتله غير واحد من المسلمين من بنى جذيمة للتأويل، فلأن لا يقتله أبو بكر لقتله مالك بن نويرة بطريق الأولى والأحرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى