مقال

نفحات إيمانية ومع إبن السوداء عبد الله بن سبأ ” جزء 3″

نفحات إيمانية ومع إبن السوداء عبد الله بن سبأ ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع إبن السوداء عبد الله بن سبأ، فقد دخلت إلى رواق الحياة الإسلامية شخصيات لم تستضيء قلوبها بأنوار النبوة، ولم تستكمل حضانتها الإسلامية في ظل اليقين، فكان دخولها لمناوأة الإسلام، والانقضاض عليه من الداخل، فزاحمت مناكبها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى أقصتهم عن مكانتهم، وقبضت على كثير من مرافق الحياة في الأمة، وقضت في كثير من قضاياها، وتقدمت وتأخر أهل السبق في الإسلام، فكان لهذه الشخصيات الدخيلة، أثر عظيم في ظهور الفرق والمذاهب التي مزقت وحدة المسلمين، وبددت شملهم، وجعلت القرآن الكريم بينهم عضين، حيث تلجأ إليه كل فرقة وفي يدها سلاح التأويل المنحرف، لتجعل منه سندا لمذهبها، وحجة على منتحلها.

 

وقد تظاهروا بالحب لآل بيت النبوة، في الوقت الذي عملوا كل ما من شأنه الإساءة إليهم، والقضاء عليهم، وقد تعرض آل البيت للقهر والاضطهاد من قبل العناصر المناوئة، لكونهم من البيوت الطاهرة الشريفة التي تربت في بيت النبوة، وقد نهلت الإسلام من منابعه، ولذلك فقد أصبحوا في صدارة أهداف العناصر المناوئة التي أظهرت الكيد للإسلام، وكان ذلك في نفاق ماكر، ومكر منافق، حتى إذا لمعت لها بارقة الخلاف بين المسلمين في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، هبت واثبة إلى مكان القيادة، تسوق الناس بعصا الفتنة العمياء، وتهمزهم إذا فتروا بمهمز المكر والدهاء، وكان رأس هذه العناصر المناوئة، هو عبد الله بن سبأ، الملقب بابن السوداء، وكان من يهود اليمن، وقد وفد إلى الحجاز.

 

وانتحل الإسلام لأغراض كان يسترها، وقد كشفت عنها دعوته المارقة، فقد اختزن خياله مرارة الإجلاء اليهودي من الجزيرة العربية، فقدم إلى المدينة بكل توتره وحقده، وأسلم ظاهريا وهو يصر على إغراق هذا المجتمع الناشئ في بحور من الفتنة والشك، وقد قيل أنه شخصية يهودية ظهر في مجتمع المسلمين بعقائد وأفكار، ليفتن المسلمين في دينهم، ثم اجتمع إليه رعاع القبائل وبعض الموتورين، فاستطاع بهم شق وحدة المسلمين، وإيقاف الفتوحات الخارجية، لتبدأ حروب أهل البيت، ولكن هناك اختلاف في عرض أخباره، وتتفق جميع المصادر على أن عبد الله بن سبأ يهودي من صنعاء باليمن، وقد أسلم لتدبير المكائد للمسلمين، وبث الفتنة، وعوامل الفرقة والاختلاف فيما بينهم.

 

وهكذا كانت كل الروايات تقول أن عبد الله بن سبأ، يهودي من صنعاء وهي كانت في أيام احتلال الأحباش لها، قاعدة مهمة لليهود، والظاهر أنهم أقاموا فيها قبل غزو الأحباش لليمن، ومما يؤكد يهودية، عبد الله بن سبأ هو ما ذكره الإمام ابن حزم الأندلسي إذ قال ما نصه، والقسم الثاني من الغالية يقولون بإلهية غير الله عز و جل، وأولهم قوم أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري، فنسبه إلى قبيلة حمير، و قبيلة حمير كانت تسكن في صنعاء، وصنعاء هي حاضرة اليمن في معظم العصور الإسلامية، ومن أقدم المدن العربية، وقد قيل أنها بنيت بعد الطوفان، وهي عروس الجزيرة العربية، وتاجها المتلالىء، ومحط أملاك حمير، وحمير هذه ينتسب إليها كعب بن ملتع الرعيني الحميري.

 

الذي اشتهر باسم كعب الأحبار وكان عالم أهل الكتاب، ومن كبار أحبارها، و يقول ابن قتيبة، كانت اليهودية في حمير وبني كنانة وبني الحارث بن كعب و كنده، ولم تذكر المصادر التي و قفت عندها اسم والد عبد الله بن سبأ، ولكن قيل أن والد عبد الله بن سبأ صاحب السبئية من الغلاة ، وهو رأي بعيد عن الصواب، فقد يكون والده من صميم حمير، وقد يكون من المنتسبين إليها بالولاء، وقد يكون من الأبناء، فلم يعرف له أب، أما أمه فقيل أنها حبشية الأصل، ومن هنا جاء لقبه ابن السوداء، ومن الثابت تاريخيا أن التزاوج بين الأحباش واليمنيين، أنتج في اليمن سلالة هجينه، ربما يكون ابن سبأ أحد أفرادها، وإن المقصود بمدينة سبأ التي ينتسب إليها عبد الله بن سبأ هو اليمن، فكل يماني يصح أن يقال عنه أنه ابن سبأ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى