مقال

نفحات إيمانية ومع الأمة الإسلامية والحفاظ على هويتها ” جزء 3″

نفحات إيمانية ومع الأمة الإسلامية والحفاظ على هويتها ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروى

 

ونكمل الجزء الثالث مع الأمة الإسلامية والحفاظ على هويتها، ومن خلال العديد من الأبحاث والدراسات التي أكدت أن الهوية ليس أمر جامد أو ثابت بل هو دائم التغير وفقا للأحداث التي تصير ومن بعدها يتغير مجرى العالم، فهي تتعلق بالتأثيرات الخارجية والداخلية والتداول التعليمي للثقافات والأفكار المتعددة، وفي النهاية نجد أن الهوية في المجمل عبارة عن كيان له شأنه كما إنه لابد من الحفاظ عليه، وأنه يتطور بشكل مستمر ولا يمكننا التوصل إلى معني نهائي أو ثابت، فهي عبارة عن مزيج من تجارب أصحاب التاريخ والتي تروي عن المعاناة التي عاصروها، وأيضا النجاحات التي يقومون بها والانتصارات التي يحققوها، فالهوية هي قصة تروي لنا مدى الانتماء والولاء والحب للوطن.

 

وما يجب علينا تجاه من حب وتضحية مهما كلفنا الأمر، وما يتوجب علينا من الرفع من شأنه والعمل على تطوره، وجعله مواكب لكافة التطورات التي تحدث في العالم من حوله وعدم الوقوف عند نقطة معينة، بل لابد من العمل باستمرار حتى نصل بالوطن إلى القمة، وحين يندمج المجتمع المسلم مع مبادئ وأسس العقيدة الإسلامية ويمتثلها واقعا ومنهج حياة، يكون هذا المجتمع بهذه الصورة المفاهيمية معبّرا عن مصطلح الهوية الإسلامية، والهوية تقوم على أربعة أسس وعناصرالعقيدة، التاريخ، واللغة، والأرض، فإن تكونت هذه العناصر الأربعة في الأمة المسلمة عبّرت بمجموعها عن الهوية الإسلامية المقصودة، وقد ذكر بعض المتتبعين لأصول كلمة الهوية، أن أصلها من كلمة هو.

 

وهو ضمير منفصل يعود على شخص ما، ولهذا فمن الخطأ أن ننطق كلمة الهوية بفتح الهاء بل بضمها فنقول الهُوية، وليس الهَوية، فالهوية إذن هي المرجعية أو الخلفية التي تتشكل منها الشخصية الإنسانية، وتستعمل كلمة هوية في الأدبيات المعاصرة التي تعبر عن خاصية المطابقة، وهى مطابقة الشيء لنفسه، أو مطابقة لمثيله، وفى المعاجم الحديثة فإنها لا تخرج عن هذا المضمون، فالهوية هي حقيقة الشيء أو الشخص المطلقة، المشتملة على صفاته الجوهرية، والتي تميز عن غيره، وتسمى أيضا وحدة الذات، وقريب من هذا عرّف “المعجم الوسيط” الصادر عن مجمع اللغة العربية حيث عرّفها بأنها حقيقة الشيء أو الشخص التي تميزه عن غيره، والهوية الوطنية.

 

ويقصد بها الخصائص والصفات التي تميز وطنا من الأوطان، وتضفي عليه طابعا أصيلا يتميز به عن غيره، وأما عن بطاقة الهوية وهي البطاقة الشخصية التي تعرّف عن كل شخص يعيش على أرض، وتحمل معلومات خاصة به كاسمه، وتاريخ ميلاده، وجنسيته، وعمله، وفي بعض البلاد ديانته، والهوية بمعناها الفلسفي هو الطابع الفريد أو البصمة الفريدة والحقيقة التي تجعل فردا من الأفراد مميزا عن غيره، وهي شعور الفرد بذاته، وإحساسه بفرديته وقدرته على المحافظة على قيمه ومبادئه وأخلاقياته وسلوكياته في المواقف المختلفة، وقد كثرت الدراسات التي تحاول الإجابة عن سؤال ما هي الهوية، ومحاولة تحديد المعالم الرئيسة التي تشكل هوية الإنسان.

 

ومن آثار هذه الدراسات والأبحاث ظهور عدد من المفاهيم والمصطلحات منها أزمة الهوية وعلاقة الهوية بالصورة النمطية المأخوذة عن شعب من الشعوب، وسيفصّل في هذين المفهومين في الفقرتين الآتيتين، إضافة إلى مفهوم صراع الهويات الذي تحدّث عنه بشكل واسع الكاتب أمين معلوف في كتابه الهويات القاتلة، ومن أبرز أفكار كتاب الهويات القاتلة مناقشته لأسئلة متعددة حول الهوية مثل ما هي الهوية؟ ومن هو الإنسان؟ وكيف يُعرّف بنفسه؟ وقد أشار إلى أن الإنسان يميل دائما إلى تقديم هويته المهددة أو التي يشعر بأنها في خطر، فلو سُئل إنسان في الوضع العادي عن نفسه، لقال إنه فلان من العائلة الفلانية، ويُعرّف بدينه ووطنه دون اهتمام بالترتيب، وأي هذه الهويات يكون أولا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى