مقال

نفحات إيمانية ومع الإحتفالات بعيد رأس السنة ” جزء 6″

نفحات إيمانية ومع الإحتفالات بعيد رأس السنة ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع الإحتفالات بعيد رأس السنة، فقد وقف الحسن البصري على جنازة رجل فقال لصاحب له يعظه، ترى هذا الميت لو رجع إلى الدنيا ماذا يصنع؟ قال له يكثر من الطاعات، فقال له الحسن البصرى قد فاتته فلا تفتك أنت، وهكذا فقد فاتت من كان قبلكم، والفرصة ماثلة أمامكم فماذا أنتم فاعلون؟ لذلك شكى وبكى الصالحون والطالحون ضيق العمر، وبكى الأخيار والفجار انصرام الأوقات، فأما الأخيار فبكوا وندموا على أنهم ما تزودوا أكثر، وأما الفجار فتأسفوا على ما فعلوا في الأيامِ الخالية، فعن أَبى هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما من أحد يموت إلا ندم، قالوا وما ندامته يا رسول الله ؟

 

فقال صلى الله عليه وسلم ” إن كان محسنا ندم أن لا يكون إزداد، وإن كان مسيئا ندم أن لا يكون نزع” رواه الترمذى، ويوم القيامة تندم وتقول يا ليتنى قدمت لحياتى، وقال لحياتي، ولم يقل في حياتي، وكأن حياته لم تبدأ بعد، فإن الحياة الحقيقية هي الآخرة، ويقول الإمام الفخر الرازي يا ليتني قدمت في الدنيا التي كانت حياتي فيها منقطعة لحياتي هذه التي هي دائمة غير منقطعة، وإنما قال لحياتي ولم يقل لهذه الحياة على معنى أن الحياة كأنها ليست إلا الحياة في الدار الآخرة ، فقال الله تعالى فى سورة العنكبوت ” وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهى الحيوان لو كانوا يعلمون ” أي لهي الحياة، فإياكم وضياع الوقت فيما لا فائدة فيه.

 

فيقول ابن القيم رحمه الله، إن إضاعة الوقت أشد من الموت، لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها، ويقول الفضيل بن عياض لرجل كم أتى عليك ؟ قال له ستون سنة، قال فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تبلغ، فقال الرجل إنا لله وإنا إليه راجعون، فقال الفضيل أتعرف تفسيره تقول إنا لله وإنا إليه راجعون، فمن علم أنه لله عبد وأنه إليه راجع فليعلم أنه موقوف، ومن علم أنه موقوف، فليعلم أنه مسئول، فليعد للسؤال جوابا، فقال الرجل، فما الحيلة ؟ قال الفضيل له يسيرة، قال ما هي؟ قال له تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى، فإنك إن أسأت فيما بقي، أخذت بما مضى وما بقي والأعمال بالخواتيم.

 

وهكذا فإن الأعوام التي تنصرم سنسأل عنها أمام الله، فعن معاذ بن جبل رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ” لن تزول قدما عبد يوم القيامه حتى يسأل عن أربع خصال عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيما أنفقه؟ وعن علمه ما عمل فيه؟ ” رواه الترمذى، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، أن الوقت نعمة من نعم الله تعالى على خلقه ولابد للعبد من شكر النعمة وإلا سُلبت وذهبت، وشكر نعمة الوقت يكون باستعمالها في الطاعات، واستثمارها في الباقيات الصالحات، فعن ابن عباس رضى الله عنهما، قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ” رواه البخارى.

 

ويقول ابن حجر وقد أشار صلى الله عليه وسلم بقوله، كثير من الناس، إلى أن الذي يوفق لذلك قليل، وقال ابن الجوزي، قد يكون الإنسان صحيحا ولا يكون متفرغا لشغله بالمعاش، وقد يكون مستغنيا ولا يكون صحيحا، فإذا اجتمعا فغلب عليه الكسل عن الطاعة فهو المغبون، فيجب علينا جميعا أن نفكر جيدا ما هي الخطيئة أو الخطايا التي لازمتك في عامك المنصرم وتنوي الخلاص منها في عامك الجديد؟ وما هي الفضيلة أو الفضائل التي فاتتك في عامك الماضي، وتفكر جادا ألا تفوتك في العام المقبل؟ وكيف أنت وفتنة الأهواء والشهوات والشبهات والفضائيات؟ وما قيمة الوقت عندك؟ وبماذا تستثمره؟ طاقاتك كيف تصرف، وقدراتك بماذا تستثمر؟ مانوع اهتمامك، هل تحمل هم الإسلام؟

 

وهل تستشعر قضايا المسلمين؟ وبماذا ساهمت فيها؟ ما مدى شعورك بانتصار الحق وأهله؟ وما مدى أسفك لغلبة الباطل وكثرة المبطلين؟ هل تشكل الدعوة إلى الله جزءا من حياتك، وما نصيب أهلك وأبنائك وذوي رحمك وجيرانك وزملائك وعموم المسلمين منها؟ وفى النهايه نقول من لم يؤمن برسالة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بعد سماعه لدعوته، فهو من أهل النار، فقد روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ” والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي، ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى