مقال

نفحات إيمانية ومع ذو التاج لقيط بن مالك الأزدي ” جزء 6″

نفحات إيمانية ومع ذو التاج لقيط بن مالك الأزدي ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع ذو التاج لقيط بن مالك الأزدي، وعلى الفور اضطرب رستم اضطرابا شديدا، ونظر إلى قومه، فعلم القوم ما يدور في ذهنه فهذان الاثنان متفقان فى الرأى والتفكير، وهذا ما أوقع الرعب في قلبه، فأراد رؤساء القوم أن يخففوا من هول الموقف عليه، وأن يثبتوا له أن هؤلاء القوم ليس لهم قوة أو خبرة بالحروب، فقالوا لحذيفة بن محصن ما هذا الذى تحمله؟ فأخرج سيفه كأنه شعلة من نار فصرخ رستم في وجهه، أغمده، فأغمده بعد أن رأى الرعب في أعينهم، ثم أقاموا له درعا من دروعهم، فأطلق فيه سهما فخرقه، ثم أقام لهم جحفته وكانت من جريد النخل، فأطلقوا عليها سهامهم، فسلمت فقال لهم يا قوم فارس، إنكم عظمتم الطعام والشراب.

 

وعظمتم اللهو، ولم نعظمهم فعظمنا الله وصغركم، أى كانت هذه الأشياء منتهى تفكيركم، ولم نكن نحن كذلك فلذلك منحنا الله قوة تجعل سهامنا تخترق أى درع من دروعكم، ولا تخترق سهامكم دروعنا حتى وإن كانت من جريد النخل ثم رجع حذيفة بن محصن إلى المسلمين، وعاد رستم يجادل قومه مرة أخرى وهكذا قيل أنه أرسل النبى الكريم صلى الله عليه وسلم أبا يزيد الأنصارى وعمرو بن العاص إلى جيفر وعبد، وهما ابنى للجلندى أعقباه فى حكم عمان، فقال عبد بن الجلندى لموفدى الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الذى تدعو إليه من صاحبك أمر ليس بصغير وأنى أعيد التفكير فيه وأعلمك، ولهذا قام عبد وجيفر باستشارة عرّافا من المنطقة.

 

يدعى كعب بن برشة العودى فتنبأ لهما قائلا بأن محمد نبى وقد عرفت صفته، وأنه سيظهر على العرب والعجم، وبعد أن انتهى من قوله أسلم، فأسلم معه عبد وجيفر وسائر أهل عُمان، وبعد وفاة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، قام لقيط بن مالك الأزدى بالهجوم على عبد وجيفر فهرب هذين إلى الجبال وطلبوا المدد من أبو بكر الصديق، لأن لقيط رفض دفع الزكاة والضرائب، وارتد بالتالي عن الإسلام، فأرسل أبو بكر جيشا لنجدة أبناء الجلندى فتجمع جيش المسلمين في صحار، بينما تجمع جيش لقيط في دبا، ويقول المؤرخون إن جيوش المسلمين اصطدمت مع المرتدين في منطقة دبا، ودارت بينهما معارك طاحنة، ولم يخض المسلمون مثلها.

 

ولا حتى في معركة اليمامة ضد مسيلمة الكذاب، ولا فى حروب الردة، ومن ثم فقد اشتدت السواعد، والتحمت الصفوف، ونزلت الهزيمة والخذلان بالمرتدين، فولى الجند المرتدون الأدبار، وقتل يومئذ منهم ما يقارب العشرة آلاف مقاتل، وفرّت الآلاف الباقية في السهول والصحارى، بينما كان جيش المسلمين كله لا يتعدى تعداده العشرة آلاف، فقتل يومئذ رأس المرتدين المشعوذ الدجال مدّعى النبوة الكاذب لقيط بن مالك الأزدى، ويقال بأن جيفر بن الجلندى عندما دخل دبا مع المسلمين غنم السوق بما فيها، وأحرقها، ويُعيد الأهالي القبور الكثيرة المتناثرة من خور فكان إلى دبا، وفي معظم نواحي دبا إلى ما حدث من حروب في أيام الردّة، لقيط بن مالك تلك.

 

وما زال القسم التابع للفجيرة من دبا يُسمى إلى اليوم بدبا البعيثة وفى هذا القسم توجد منطقة تسمى إلى اليوم بالردّة، وكانت دبا من أكبر أسواق العرب في الجاهلية، وكان يقصدها الباعة من الجزيرة العربية والهند والسند والصين، وكان الجلندي يشرف على هذه السوق، ويجني الضرائب وكانت السوق تقام آخر يوم من رجب حتى منتصف شعبان، وأما عن مدينة دبا فقد ساهم موقعها الجغرافي الهام في دعم مكانتها التجارية على المحيط الهندى، وتطل دبا الحصن على ضفاف الشاطئ الغربي لخليج عمان، وتتميز بموقعها الجغرافى الذي يمثل الامتداد الشرقى الطبيعي لإمارة الشارقة، فدبا الحصن من المدن الجميلة التابعة لهذه الإمارة، وتجاورها دبا الفجيرة ودبا البيعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى