مقال

نفحات إيمانية ومع أول أنبياء الله عز وجل “جزء 5”

نفحات إيمانية ومع أول أنبياء الله عز وجل “جزء 5”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكل الجزء الخامس مع أول أنبياء الله عز وجل، ودب الفساد والفسق والفواحش في قوم قابيل ومن هاجر إليهم، وامتد فحشهم إلى خارج قراهم، فأخذوا يهجمون على المؤمنين فيؤذونهم ويقتلون منهم، وبعد هذا الفساد والكفر في قوم قابيل، والفتنة التي أصابت قوم شيث، أرسل الله تعالى نبيه إدريس عليه السلام، وكان اسمه أخنوخ، لكنه سمي إدريس لكثرة عبادته ودراسته لكتاب الله تعالى، وهو إدريس بن مهلاييل بن قينن بن أنوش بن شيث بن آدم، وقد ولد عليه السلام في حياة آدم، وعاش معه مائة وعشرون سنة، وتلك حكمة الله وقدرته بأن كانت أعمارهم طويلة، فيعاصر الأب من نسله الخلق الكثير، واقترابا من مناقب إدريس عليه السلام.

 

فقد كان عابدا، كثير التأمل في خلق الله سبحانه وتعالى، وكان طويل البنية، وكثيف اللحية، وكثير النظر إلى الأرض في مشيته، وفي عينيه مسحة حزن، إذا غضب احتد، وإذا تكلم حرك سبابته، وكان من أكمل شريعة شيث عليه السلام، وقد أرسل الله تعالى إدريس عليه السلام ليقضي على الشر والفساد الذي خلفه قوم قابيل في الأرض، فكان أول من شرع القتال في سبيل الله تعالى، وأول من سبى، حيث جهز الجيوش، وهجم على قوم قابيل بالخيول والمشاة فهزمهم وقتل وسبى منهم، فكان سببا في تقليل شرهم على الدنيا، وكما كان له عليه السلام، فضل على البشرية، لأنه أول من خط بالقلم، وكتب، وعلم الناس الكتابة، وقد أكرمه الله تعالى.

 

بأن رفع قدره في الدنيا والآخرة، فقال تعالى “واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقاً نبيا، ورفعناه مكانا عليا” فمن الأمور التي أعلى الله قدره بها، أن جعله في السماء الرابعة، وقد التقاه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في رحلة الإسراء والمعراج فيها، وذكر أن الله تعالى أكرمه في الدنيا بأن جعل له من الأجر في كل يوم بمقدار أجر البشرية جمعاء ممن كان في عصره، ومن الإسرائيليات، أنه جاء في الكتب عن تفسير الآية الكريمة التي ذكرت إدريس عليه السلام، قصة ذكرت في الإسرائيليات التي أمرنا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أن لا نصدقها ولا نكذبها، وكان الصحابة رضوان الله عليهم يستأنسون بما لم يأتى به قرآن.

 

ولم تبينه السنة، فروي أن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه سأل كعب الأحبار عن قوله تعالى “ورفعناه مكانا عليا” وكونه مطلعا على علم أهل الكتاب مما عند بني إسرائيل، فذكر أن الله تعالى أكرم إدريس عليه السلام، بأن له من الأجر كل يوم بقدر عمل بني آدم في ذلك الزمان، ولكي يزيد إدريس في الأجر، أراد أن يؤخر عمره شيئاً من الزمن، وكان له مَلك خليل له وذكر له ما يريد، فحمله على جناحه وصعد به إلى السماء ليلتقي بملك الموت ويكلمه في ذلك، فالتقى المَلَك بملك الموت في السماء الرابعة وسلم عليه، وأخبره بما يريد إدريس منه، فقال له وأين هو؟ فقال الملك هو ذا على ظهري، فتعجب ملك الموت، وقال سبحان الله.

 

إن الله تعالى أمرني أن أقبض روح إدريس في السماء الرابعة، وكنت في حيرة من أمري، إذ كيف سأقبض روحه في السماء الرابعة وهو على الأرض، فقبض إدريس عليه السلام، مصداقاً لقول الله تعالى “ورفعناه مكانا عليا” والقصة نسيج لحدث يحكي عبرة، ويوصل فكرة وقد حث القرآن الكريم عليه، ولقد قص علينا القرآن الكريم حكاية أمم غابرة يذكرنا بحالهم ومآلهم فذكرنا بأحوال قرى آمنت وأخرى عتت عن أمرربها، وأردف القرآن بقصص للأنبياء لا غنى للذاكرة عنها فذكرها وأعرض عن أخرى وقصص الأنبياء في القرآن عبر وحكم يستنير بها الضال ويسترشد بها فشأن القصة تثبيت الأفئدة وعظة من حكم الزمان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى