مقال

اقتحام العقبة! 

اقتحام العقبة!

متابعه ياسين عبدالباسط

مقتطف من كتابات الغزالي

كانت امرأة سوداء تقم المسجد النبوی، تکنسه وتميط عنه الأذى، فتفقدها الرسول يوما فقيل له: ماتت! فقال: أفلا كنتم آذنتموني؟

كأنهم صغروا أمرها – مع أنها كانت تقوم بوظيفة مهمة من وظائف المسجد، أليست تهيئه للركع السجود؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ” دلوني على قبرها ، فدلوه فصلى عليها صلاة الجنازة .. إن هذه المرأة أفضل عند الله من عظيم لا عمل له، أو يلى منصبا كبيرا يسيء إلى الناس فيه، والناس لا توزن بمناصبها وإنما توزن بمناقبها، وأكثر الأعمال التي نستهين بها ترتبط بها مصالح کبری للمجتمعات، وشاغلوها جديرون بالاحترام. روى البخاري أن سعد بن ابی وقاص كان يرى له فضلا على من دونه فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ” هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم؟ ” يعني أن أفراد الطبقات الكادحة لهم مادة الجيوش وسواد العمال والفلاحين! والغريب أن ” ابن بطال “شرح هذا الحديث فقال: إن الضعفاء أشد إخلاصا في الدعاء وأكثر خشوعا في العبادة لخلاء قلوبهم من التعلق بزخرف الدنيا…! ونرى نحن أن الإخلاص والخشوع صفات مشتركة بين الناس، توجد في الغني والفقير، والخطأ الشائع أن ذوی المهن الصغيرة لا يؤبه لهم، أما ذوو المناصب المضخمة فهم الذين يملؤون العين !! عن حارثة بن وهب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف – أي متواضع – لو أقسم على الله لأبره! ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر .. والجواظ هو الجموع المنوع، وقيل الضخم المختال !! والضعفاء ليسوا .هم الأذناب الذين يحبون على الملق والزلفى، فكم من ضعيف عزيز النفس متوكل على الله وكم من كبير يتبع الرؤساء ويحيا على استرضائهم. قال أحد الخلفاء التابع له . له مكانة .: لقد كبرت! قال: في طاعتك يا أمير المؤمنين! قال: وفيك بقية! قال: في خدمتك يا أمير المؤمنين! قال: وإنك لجلد! قال: على أعدائك يا أمير المؤمنين، قال الحسن البصري : هذا رجل لم يبق من شخصه شيئا لله تعالى. لقد ساءلت نفسي: أي الشخصين أفضل؟ هذا الذئب الذائب في سيده أم هذه المرأة التي يحكي قصتها البخاري في حديثه عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت على امرأة ومعها ابنتان لها تسأل! فلم تجد عندي شيئا غير تمرة واحدة! فأعطيتها إياها، فقسمتها بين ابنتيها ولم جمل منها!! ثم قامت فخرجت، فدخل النبي صلی الله عليه وسلم علينا، فأخبرته بما كان فقال : ” من ابتلى من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار .. ويلحق بذلك الحديث قوله عليه الصلاة والسلام من عال جاريتين – بنتين – حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين، وضم أصابعه !! إن كفالة فتاتين أجر کبیر، ومن أخلص العمل وأحسن التربية ولم يضجر ولم يبخل اقترب من مكانة النبوة!! ومن لطائف الإسلام أنه يسوى بين الجهاد العسكري والجهاد الاجتماعي والاقتصادي، لأن كيان الأمة لا يتماسك بإعداد السلاح وحده. وإنما يقوى بسد ثغرات المسغبة والعجز، وتأمين الأمة كلها من الجوع والخوف، ولذلك قال النبي الكريم: ‘ الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو كالقائم لا يفتر وكالصائم الذي . لا يفطر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى