مقال

مشروعية سجدة الشكر ” جزء 3″

مشروعية سجدة الشكر ” جزء 3″

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع مشروعية سجدة الشكر، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يفعل ذلك ولا المسلمون بعده، ولو كان لنقل، إذ لا يصح أن تتوفر دواعي المسلمين على ترك نقل شريعة من شرائع الدين وقد أمروا بالتبليغ، وأن ما قص الله تعالى علينا من سجود داود عليه الصلاة والسلام بقوله “وخر راكعا وأناب” وعن بعض الصحابة رضوان الله عليهم لا دليل فيه، إذ ليست سجدة شكر، وإنما هي سجدة توبة، وعلى فرض التسليم فهذا شرع من قبلنا، وقد استدل جمهور الفقهاء ممن ذهب إلى سنية سجود الشكر بالقرآن الكريم في قول الله تعالى “يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخيرلعلكم تفلحون” من سورة الحج، وهذا أمر عام بفعل الخير وبالسجود فيدخل فيه سجود الشكر، وقال الإمام ابن حزم مسألة سجود الشكر حسن، إذا وردت لله تعالى على المرء نعمة فيستحب له السجود، لأن السجود فعل خير، وقد قال الله تعالى “وافعلوا الخير ”

 

وكذلك قول الله تعالى “وخر راكعا وأناب” وقال الإمام الشربيني رحمه الله تعالى “بل هي سجدة شكر، لتوبة الله تعالى على داود عليه الصلاة والسلام، أي لقبولها، والسنة النبوية المطهرة، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الكثير من الأحاديث التي روت سجوده عليه الصلاة والسلام شكرا لربه عز وجل، فقد ورد فعله من النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو داود وابن ماجه وغيرهما من أنه صلى الله عليه وسلم ” أنه كان إذا جاء أمر سرور أو بشر به خر ساجدا لله ” فقد حسنه الترمذي وصححه الحاكم، وكذلك ورد سجود الشكر عن أصحابه رضوان الله عليهم، وقد ذهب جمهور الفقهاء ممن استحب سجود الشكر إلى اشتراط الطهارة فيه، فقال الإمام البهوتي “وصفة سجود الشكر وأحكامه كسجود التلاوة ”

 

وقال ابن حجر “وهي أي سجدة الشكر كسجدة التلاوة المفعولة خارج الصلاة في كيفيتها، وواجباتها، ومندوباتها” فلا بد في سجود الشكر من تحقق شروط ستر العورة واستقبال القبلة، بالإضافة إلى الطهارة، وذهب بعض المالكية والظاهرية إلى أن سجود الشكر لا يحتاج إلى طهارة، وعلل من قال ذلك من المالكية بأن الإلزام بالطهارة عند عدم وجودها يفوت وقت السجود، قال الإمام الحطاب “سجود الشكر على القول به يفتقر إلى طهارة، وهو كذلك على ظاهر المذهب، واختار بعض من لقيناه من القرويين عدم افتقاره، لما أنه إذا تركه حتى يتوضأ أو يتطهر أو يتيمم زال سر المعنى الذي أتى بسجوده له، ويجاب عن ذلك بأن الوقت الذي يستهلك في مصلحة العبادة لا يعد فاصلا كإجابة المؤذن والاجتهاد في القبلة، وستر العورة، وغير ذلك من سائر الكمالات المطلوبة منها لأجل الصلاة .

 

فإنه لا يضر حدوثها مراعاة لمصلحة الصلاة، وقال الإمام ابن حزم ” إن قراءة القرآن والسجود فيه، ومس المصحف، وذكر الله تعالى، هى أفعال خير مندوب إليها مأجور فاعلها، فمن ادعى المنع فيها في بعض الأحوال كلف أن يأتي بالبرهان” فالإمام ابن حزم يقول أن الأصل جواز سجود الشكر بلا مانع، والذي اشترط الطهارة وضع المانع بلا دليل، والذي نختاره من هذه الأقوال سالفة الذكر هو أن سجود الشكر مستحب، ورد في الأحاديث فعله من النبي صلى الله عليه وسلم، ومن الصحابة من بعده، ولا مراء في ذلك، فالأحاديث في ذلك كثيرة، والأدلة حاضرة، وأن سجود الشكر عبادة بها وجه شبه بالصلاة، وشبه تام بسجود التلاوة، فلا بد لأدائها من الطهارة، والله تعالى أعلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى