مقال

السيدة حفصة بنت عمر “جزء 4”

السيدة حفصة بنت عمر “جزء 4”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع السيدة حفصة بنت عمر، وكانت المرة الثالثة التى نزل فيها قرآن، حينما اعتزل النبي صلى الله عليه وسلم، نساءه شهرا وأقسم ألا يدخل على نسائه من شدة موجدته عليهن، حتى عاتبه الله تعالى ونزلت هذه الآية في عائشة وحفصة لأنهما البادئتان في مظاهرة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى ” إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير، عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا” فما كان منهن وآيات الله تتلى على مسامعهن إلا أن قلن قال تعالى “سمعنا وأطعنا غفرانك ربّنا وإليك المصير” فكان إفشاء السر.

 

هو ما جعل أبو بكر يفضل أن يغضب قليلا منه صاحبه عمر، على أن يفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ذاته ما خلق مشكلة كبرى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجته حفصة بعد ذلك، إلى الحد الذي نزل فيه وحيا، وكانت حفصة رضي الله عنها، كغالب النساء، شديدة الغيرة على زوجها، صلى الله عليه وسلم، فحدث ذات يوم أن الرسول قد خلا بمارية القبطية في بيتها وفي يومها، فغضبت بشدة من ذلك، فحرمها النبي على نفسه بيمين أنه لا يقربها طلبا بذلك رضا حفصة بنت عمر، لكنه صلى الله عليه وسلم طلب منها ألا تخبر بذلك أحدا، ويروي الطبري في تفسيره لآيات سورة التحريم ذاكرا أن هناك عدة روايات حول ذلك، لكن كل ما ذكره الطبري يتفق في نهايته.

 

أن حفصة خرجت بعد ذلك لتخبر السيده عائشة بالبشرى، وكانت حفصة وعائشة تظاهران على نساء النبى صلى الله عليه وسلم، فانطلقت حفصة إلى عائشة، فأسرت إليها أن أبشري أن النبى صلى الله عليه وسلم، قد حرّم عليه فتاته، فلما أخبرت بسر النبى صلى الله عليه وسلم، أظهر الله عز وجل للنبى صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله على رسوله لما تظاهرتا عليه القرآن الكريم، من سورة التحريم، وفي تلك الحادثة، طلقت حفصة، حيث غضب صلى الله عليه وسلم لإفشائها سره، وكانت حفصة عندما طلقت ذهبت إلى أهلها، وهذا ومن المعروف أن من حقوق الزوجين في الإسلام أن يحفظ كل منهما سر الآخر ولا يفشيه، وليس هذا خاصا فقط بأمهات المؤمنين ونساء النبى صلى الله عليه وسلم.

 

فيقول الإمام محمد عبده في تفسير آية “فالصاحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله” وهو أن الغيب هنا هو ما يستحي من إظهاره، أي حافظات لكل ما هو خاص بأمور الزوجية الخاصة بالزوجين فلا يطلع أحد منهن على شيء مما هو خاص بالزوج، وكان ذلك وحيا أيضا، بعد أن طلق النبى صلى الله عليه وسلم،أم المؤمنين السيده حفصة، حزن عمر حزنا شديدا، وقال ما يعبأ الله بعمر وابنته بعد هذا، فنزل جبريل في اليوم التالي على الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا إن الله يأمرك أن تراجع حفصة، فإنها صوامة قوامة وإنها زوجتك في الجنة، وروى رواة الخبر، وعلى رأسهم ابن حجر، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قد طلق حفصة تطليقة واحدة، ثم ارتجعها رحمة بعمر الذي حثا التراب على رأسه.

 

وقال ما يعبأ الله بعمر وابنته بعدها، فنزل جبريل من الغد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال إن الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمة بعمر، أو قال كما ترويه رواية أخرى أرجع حفصة، فإنها صوّامة قوّامة، وإنها زوجتك في الجنة، وقال صاحب الإصابة دخل عمر على ابنته وهي تبكي، فقال لعل رسول الله طلقك؟ إنه كان طلقك مرة ثم راجعك من أجلي، فإن كان طلقك مرة أخرى لا أكلمك أبدا، وخرج عمر إلى المسجد قلقا، فلقي المسلمين هناك ينكتون الحصى مطرقين، ويقولون طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، نساءه، قصد عمر إلى الخزانة التي يقيم بها الرسول صلى الله عليه وسلم، وغلامه رباح قائم على عتبتها، فاستأذن عمر في الدخول على الرسول صلى الله عليه وسلم، وكرر النداء، ورباح لا يجيب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى