مقال

نبي الله إبراهيم عليه السلام ” جزء 5″

نبي الله إبراهيم عليه السلام ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع نبي الله إبراهيم عليه السلام، وبعضها تحمل أسماء مطالعها مثل سورة القارعة، وفي الحديث عن سورة الأنبياء فإن سبب تسميتها بهذا الاسم يرجع إلى أنها تتناول قصص أنبياء الله تعالى، ودورهم في تذكرة البشرية، وهؤلاء الأنبياء هم أفضل خلق الله سبحانه وتعالى، وهم الذين قادوا الأرض إلى الخير والسعادة، وهذه السورة تسير على نمط واحد، فهي توضح كيف كان خطاب النبى صلى الله عليه وسلم، ودعوته لقومه، وكيف كانت عبادته وتبتله لربه عز وجل، لتصل في النهاية إلى إثبات وحدة رسالة كل الأنبياء عليهم السلام، وكان من أسباب النزول بين السور القرآنية، هو أن كل سورة تنزل لحادثة كانت تحدث أيام الرسالة النبوية، وأيام نزول الوحي عليه السلام ليقوم أفعال الناس أو ليؤيد أفعالهم، وقد ورد في سبب نزول هذه السورة.

رواية تقول عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال آية لا يسألني الناس عنها، لا أدري أعرفوها فلم يسألوا عنها أم جهلوها فلا يسألون عنها؟ قال وما هي؟ قال لمّا نزلت ” إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون” شق على قريش، فقالوا يشتم آلهتنا؟ فجاء ابن الزبعري فقال ما لكم؟ قالوا يشتم آلهتنا، قال فما قال؟ قالوا، قال ” إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون” قال ادعوه لي، فلمّا دُعي النبى صلى الله عليه وسلم، قال يا محمد، هذا شيء لآلهتنا خاصة أو لكل من عُبِد من دون الله؟ قال لا بل لكل من عبد من دون الله، فقال ابن الزبعري خصمت ورب هذه البنية وهو يعني الكعبة، ألستَ تزعم أن الملائكةَ عباد صالحون، وأن عيسى عبد صالح ؟ وأن عزيرا عبد صالح؟ قال بلى، قال فهذه بنو مليح يعبدون الملائكة.

وهذه النصارى يعبدون عيسى، وهذه اليهود يعبدون عزيرا، قال فصاح أهل مكة، فأنزل الله تعالى ” إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عتها مبعدون ” وإن ما ورد في فضل سورة الأنبياء، فهو حديث صحيح عن ابن مسعود، وهو مشترك في فضل عدة سور قرآنية، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال “بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء، هن من العتاق الأول، وهن من تلادى” والعتاق هو جمع عتيق، وإن العرب تجعل كل شيء بلغ الغاية في الجودة عتيقا، والمراد هو تفضيل هذه السور لما تضمنت من أخبار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقصصهم، وتلادي أي من الأشياء التي كان يداوم عليها النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومن السور التى أحبها وأكثر من قراءتها، فكانت لها مكانة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بعض السور المكية الأخرى.

وأما عن الخليل إبراهيم عليه السلام فقد ذكر الله تعالى مناظرته لأبيه وقومه، وكان أول دعوته لأبيه، وكان أبوه ممن يعبد الأصنام لأنه أحق الناس بإخلاص النصيحة له، كما قال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة مريم “واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا، قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا ”

ويذكر الله تعالى ما كان بينه وبين أبيه من المحاورة والمجادلة ، وكيف دعا أباه إلى الحق بألطف عبارة وأحسن إشارة وقد بين له بطلان ما هو عليه من عبادة الأصنام التي لا تسمع دعاء عابدها ولا تبصر مكانه، وكيف تغني عنه شيئا أو تفعل به خيرا من رزق أو نصر؟ ثم قال منبها على ما أعطاه الله من الهدى والعلم النافع، وإن كان أصغر سنا من أبيه يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا، أي مستقيما واضحا سهلا حنيفا، يفضي بك إلى الخير في دنياك وأخراك، فلما عرض هذا الرشد عليه، وأهدى هذه النصيحة إليه لم يقبلها منه، ولا أخذها عنه بل تهدده وتوعده قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك، قيل بالمقال وقيل بالفعال واهجرني مليا أي واقطعني وأطل هجراني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى