مقال

الدكروري يكتب عن أعظم ملوك بابل مقيم المدن “جزء 5”

الدكروري يكتب عن أعظم ملوك بابل مقيم المدن “جزء 5”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع أعظم ملوك بابل مقيم المدن، أما رعاة الأغنام والماعز والجمال، فقد كانوا يتنقلون بيت ضفاف الأنهار في أشهر الصيف الجافة وبين المناطق الموسمية على حافة الصحراء في مواسم الشتاء، حيث يزداد معدل هطول الأمطار، وكما وجدت منذ العصور القديمة جماعات سكانية اعتمدت على الصيد بشكل أساسي في منطقة الأهوار جنوب البلاد، وقد أدت الزيادة السكانية الناتجة عن ازدهار المنطقة إلى عدد من المشكلات بسبب عدم قدرة البيئة على تأمين ما يكفي من الموارد، وترتبت على ذلك فترة من عدم الاستقرار السياسي، انهارت على إثرها الحكومة المركزية وانخفض عدد سكان المنطقة، بسبب ذلك الضعف أضحت البلاد عرضة للغزو من قبل الرعاة الرحل وقبائل التلال مما أداى إلى انهيار التجارة وإهمال أنظمة الري.

 

ثم نشأت نزاعات على السلطة انتهت بوحدات إقليمية قبلية، ولا يزال النسيج المجتمعي القبلي مستمرا بسبب ذلك حتى اليوم في العراق، وأما عن الإمبراطورية البابلية الحديثة فهي امبراطورية اسسها نبوبولاصر الكلدي واستمر حكمها، وتحرروا في البداية من حكم الآشوريين بعد ان سيطر نبوبولاصر، على اقليم بابل، الذي كان تابعا لحكم الآشوريين فتمكن في البداية من اعلان الاستقلال عن حكم الآشوريين وثم سيطر على كامل اقليم بابل والمناطق الجنوبية من بابل وتمكن من توحيد القبائل الكلدية، الا ان الآشوريين استمروا بمضايقة الكلدان وكانوا ينوون الإطاحة بنبوبولاسر, الا ان الملوك الآشوريين الذين خلفوا آشوربانيبال كانوا ضعفاء، بينما تمكن نبوبولاسر من توحيد القبائل الكلدية فلم يتمكن الاشوريين من اسقاط حكم الكلديين هذه المرة كما فعلوا في عدة مرات سابقة.

 

فتمكن نبوبولاسرو بالتعاون مع الميديين من اسقاط مدينة نينوى عاصمة الآشوريين، واسس امبراطورية كبيرة وتميزت الامبراطورية الكلدانية بالعمران والفنون والعلوم، و كان حكام بابل استعادوا تراث بلاد ما بين النهرين القديم، حيث احيوا التراث السومري الاكدي وبالرغم ان اللغة الآرامية اصبحت اللغة العامية عند البابليون لكن اللغة الأكادية كانت اللغة الرسمية في الوثائق والدواوين الرسمية، وقد تأسست بابل كدولة مستقلة على يد زعيم عموري يدعى سومو أبوم، واستمرت لأكثر من قرن بعد تأسيسها دولة صغيرة وضعيفة نسبيا، وخضعت لسيطرة الدول المجاورة مثل إيسن ولارسا وآشور وعيلام، ولكن الملك حمورابي حوَّل بابل إلى قوة عظمى وغزا بلاد ما بين النهرين وما يحيط بها، مؤسسا الإمبراطورية البابلية الأولى، وقد استمرت سلالة حمورابي بقيادة الإمبراطورية.

 

بعد وفاته لقرن ونصف تقريبا، لكن الإمبراطورية البابلية انهارت بسرعة بعد ذلك وعادت بابل مرة أخرى دولة صغيرة ضعيفة، حيث سقطت بابل على يد الملك الحيثي مورسيلي الأول، وبعد ذلك سيطر الكاشيون على بابل وحكموها لمدة خمسة قرون تقريبا قبل أن يعزلهم حكام بابل الأصليين الذين استمروا في حكم بقايا دولة بابل، وقد تكوَّن سكان بابل في الفترة البابلية الوسطى من مجموعتين رئيسيتين، وهم البابليون الأصليون وهم يتألفون من أحفاد السومريين والأكاديين والعموريين والكاشيين، بالإضافة إلى رجال القبائل الذين وصلوا مؤخرا مثل الآراميين والكلدانيين، وبحلول القرن الثامن قبل الميلاد فقدت المجموعات البابلية الأصلية هويتها وثقافتها القديمة واندمجت في ثقافة بابلية جديدة موحدة، وأصبح الكلدانيون على الرغم من احتفاظهم بعادتهم القبلية.

 

وطريقة حياتهم أكثر تحضرا وميلا لطريقة العيش البابلية، إذ اعتمد العديد من الكلدان أسماء بابلية، وأصبح هؤلاء الكلدانيون البابليون لاعبين مهمين في الحياة السياسية البابلية، وبحلول عام سبعنائه وثلاثين قبل الميلاد، كانت جميع القبائل الكلدانية الرئيسية قد خرج منها ملك بابليّ واحد على الأقل، وكان القرنان التاسع والثامن قبل الميلاد كارثيان للمملكة البابلية، حيث فشل العديد من الملوك الضعفاء الذين تعاقبوا على الحكم في السيطرة على المجموعات المختلفة التي تشكل المجتمع البابلي، أو فشلوا في هزيمة المنافسين، أو فشلوا في الحفاظ على الطرق التجارية المهمة، وقد دفع هذا الانهيار في نهاية المطاف الجارة الشمالية القوية لبابل، وهى الإمبراطورية الآشورية الحديثة التي يتحدث شعبها الأكادية أيضا، إلى التدخل عسكريا، ودمجوا بابل في إمبراطوريتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى