مقال

الدكروري يكتب عن الإمام إبن كثير “جزء 10”

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام إبن كثير “جزء 10”

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء العاشر مع الإمام إبن كثير، فكان حريصا على ذلك، ومتفرغا فى معظم الوقت للتصنيف، بعد أن ملك ناصيته، وحصل العلوم المختلفة، وتخصص فى الحديث والتفسير والتاريخ والفقه، وبلغ شأوا كبيرا فى النحو والأدب وعلوم العربية، وكان ابن كثير رحمه الله قد توفرت فيه مؤهلات التأليف والتصنيف بدرجة عالية، فأنس به، وبذل فيه الجهد الكبير، وأعطاه ثمين الوقت، وأاكب على التدقيق والتمحيص، وقدم للبشرية إنتاجا غزيرا ثري، وكتبا نافعة مفيدة، أصبحت مرجعا لطلاب العلم والمعرفة فى عصره، وقد قال عنه ابن حجر”وسارت تصانيفه فى البلاد، وانتفع بها الناس بعد وفاته” وقال الشوكاني “وقد انتفع الناس بمصنفاته، ولا سيما التفسير” وقال الزركلي “تناقل الناس تصانيفه في حياته” ومما يؤكد ذلك أن كتب ابن كثير قد كارت فى الأقطار الإسلامية.

 

هو ما ذكره ابن كثيرر فى حوادث سنة سبعمائة وثلاثة وستون للهجرة، أن شابا أعجميا حضر من بلاد “تبريزوخراسان” ويزعم أنه يحفظ البخاري ومسلما وجامع المسانيد والكشاف للزمخشري، فهذا كتابه جامع المسانيد قد طار إلي أقصي المشرق فى بلاد تبريز وخراسان، وأن الشباب هناك يحفظونه، أو يحفظون شيئا منه، ولقد تبوأ ابن كثير رحمه الله مكان الصدارة اجتماعيا وعلمي، وذلك لعلمه وفضله ومواقفه وآرائه، وعدله واعتداله فى النظر إلى الأمور، والحكم عليه، ولذلك كان يدعي مع علية القوم للأمور الهامة، والقضايا الخطيرة، ليشارك في المشاورة، ويبدي رايه فى الخلافات الجسيمة، كما كان يشارك في امتحان الطلبة فى التخصصات العالية، لما له من مكانة علمية، واحترام شعبي واجتماعي ورسمي، وكان ابن كثير يحضر مجالس كبار العلماء فى عصره.

 

مما يدل على مكانته العلمية الاجتماعية، فيقول عن حوادث سنة سبعمائة وست وستون من الهجرة، تحت عنوان “عقد مجلس بسبب قاضي القضاة تاج الدين السبكي” ولما كان يوم الاثنين الرابع والعشرين من ربيع الأول عقد مجلس حافل بدار السعادة بسبب من رمي به قاضي القضاة تاج الدين الشافعي ابن قاضي القضاة السبكي، وكنت ممن طلب إليه، فحضرته فيمن حضر، واستمر النظر فى القضية، واستمر إلي الشهر التالي، وحضره ابن كثير، وفيه تفاصيل انتهت بالصلح، وإن من أهم مؤلفات ابن كثير هو تفسير القرآن العظيم، وهو من أفيد كتب التفسير بالرواية، يفسر القرآن بالقرآن، ثم بالأحاديث المشهورة في دواوين المحدثين بأسانيدها، ويتكلم على أسانيدها جرحا وتعديلا، فيبين ما فيها من غرابة أو نكارة أو، شذوذ غالبا، ثم يذكر آثار الصحابة والتابعين.

 

قال السيوطي فيه “لم يؤلف على نمطه مثله” وإن علم التفسير هو أحد علوم القرآن الكريم التي تعتبر أهم العلوم الشرعية على الإطلاق، وهي من العلوم الضرورية التي يحتاج إليها اكل مسلم، لأن القرآن الكريم هو الدعامة الأولي للعقيدة الإسلامية، والركيزة المتينة لبناء الإسلام، والمنبع الصفي للأخلاق، والمصدر الرئيس للعبادات والأخلاق، وقد بدأ ابن كثير اهتمامه بالقرآن الكريم منذ صغره فقد حفظ القرآن الكريم، وكان اهتمامه باللآثار وعلم السلف باعثا على معرفة أقوالهم فى كتاب الله عزوجل، كما كانت دراسته الفقهية المتفتحة مساعدا له علي تحري الأحكام الشرعية من مصدرها الاول القرآن الكريم وقام ان كثير بكتابة تفسير للقرآن الكريم هو المسمي تفسير القرآن العظيم، وهو من خير التفاسير، وقد احتل مكانة مرموقة فى المكتبة الإسلامية، وشهد له بذلك العلماء.

 

وذاع صيت هذا الكتاب، وتداولته الايدي قديما وحدسيثا على مختلف المستويات العلمية والشعبية والدينية، وهو يقع فى أربع مجلدات كبيرة، وقد جاء تفسير ابن كثير ذخيرة علمية، ولكنه لم يخل من بعض المآخذ التي لاحظها العلماء، ويمثل التاريخ أحد مصادر المعرفة الإنسانية التي اهتم بها الناس، فتدارسوه، وألفوا مجالسه، واستمعوا أخباره، وصنفوا فيه، لأنه يرضي غريزة حب الاستطلاع في الأنسان، ويبعث على العبرة والتفكير فى الأحداث، فالعاقل من اتعظ بغيره، والمحنك من من تخطي تجارب غيره، فالتاريخ يعطي القاري والسامع نماذج من السلوك البشري بما فيه من غرائز وعواطف وميول، وسلوك وطموحات، وآمال، وآلام، مع بيان النتائج التي تترتب على كل تصرف، وجاء القرآن الكريم بذكر ألأخبار الالمم الماضية، وفصص الأنبياء والمرسلين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى