مقال

الدكرورى يكتب عن مرحبا شهر رمضان ” جزء 2″

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن مرحبا شهر رمضان ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثاني مع مرحبا شهر رمضان، وما أدق هذا الوصف في حق بعض أهل الفن والإعلام الذين يغتنمون موسم الطاعة لصد الناس عن سبيل ربهم, وفتنتهم عن طاعة الله عز وجل، وإذا كان دعاة الباطل واللهو والفجور تتعاظم هممهُم في الإعداد لغواية الخلق في هذا الشهر، بما يذيعونه بين الناس من مسلسلات ورقص ومجون وغناء، فحرى بأهل الإيمان أن ينافسوهم في هذا الاستعداد، ولكن في البر والتقوى، وبدلا من أن ينشغل الناس بالذكر والعبادة والدعاء وقراءة القرآن والصلوات يقول لك أنا أصلا ما أستطيع أنتزع نفسي بصلاة المغرب لأنه هناك حلقة كذا، وتفوتني صلاة العشاء وأول ركعتين من التراويح لأنه المسلسل الفلاني لم ينته بعد، ولكن ما هذه العقلية؟ وأين التجارة التي لن تبور، كيف تقضي على هذا بهذا؟

فإنه شيء خطير جدا يحدث فعلا لا بد من إدراك حجم هذه المؤامرة، فماذا بقي للتأثر بهذا الشهر، وكيف سنكون فيه من المتقين؟ كيف سنكون فيه من عباد الله المؤمنين إذا كان هذا هو الواقع؟ ولذلك فعلا العاقل اليوم الذي يعرف ماذا يريد من رمضان، فيا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب حتى عصى ربه في شهر شعبان، لقد أظلك شهر الصوم بعدهما فلا تصيره أيضا شهر عصيان، ورتل القرآن وسبح فيه مجتهدا فإنه شهر تسبيح وقرآن، فكم كنت تعرف ممن صام في سلف من بين أهل وجيران وإخوان، أفناهم الموت واستبقاك بعدهم حيا فما أقرب القاصي من الدانى، فقيل أنه باع قوم من السلف جارية لهم لأحد الناس، فلما أقبل رمضان أخذ سيدها الجديد يتهيأ بألوان المطعومات والمشروبات لاستقبال رمضان كما يصنع كثير من الناس اليوم.

فلما رأت الجارية ذلك منهم قالت ” لماذا تصنعون ذلك؟ ” قالوا ” لاستقبال شهر رمضان ” فقالت وأنتم لا تصومون إلا في رمضان؟ والله لقد جئت من عند قوم، السنة عندهم كأنها كلها رمضان، لا حاجة لي فيكم، رُدوني إليهم ” ورجعت إلى سيدها الأول، فكم من رمضان مر علينا ونحن غافلون؟ ووالله لا ندرى أندركه هذا العام، أم تتخطفنا دونه المنون، فما أحوجنا إلى تهيئة النفوس، بمحاسبتها وإصلاحها ونحن في أول رمضان، ولا نكون ممن يدركون رمضان، وقد تلطخوا بالمعاصي والذنوب، فلا يؤثر فيهم صيامه ولا يهزهم قيامه ويخرجون منه كما دخلوا فيه، وإذا كان رمضان شهر النفحات والرحمات والروحانيات فإن الإصرار على المعاصي والذنوب يحجب كل هذه المعاني الجميلة، ونحن في بداية شهر رمضان، ورمضان عبادة.

وكلكم يعلم أن الإنسان له مهمة كبرى في حياته الدنيا، ألا وهي العبادة، لأن الله جل جلاله يقول فى سورة الذاريات ” وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” لكن هذه العبادة ذات معنى شمولي، وإن من ضيق الأفق ومن الجهل الشديد أن تتوهم أن العبادة هي هذه العبادات الشعائرية فحسب، ولكن العبادات ذات مفهوم شمولي، ومن هذه العبادات ما كان عبادات شعائرية، كالصلاة والصوم، والحج، ومن هذه العبادات ما هو عبادات مالية كالزكاة، ومن هذه العبادات ما هي عبادات تعاملية كالصدق والأمانة، والحقيقة الدقيقة أن الإنسان إذا توهم أن الدين عبادات شعائرية ليس غير لم يفقَه شيئا من الدين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” بنى الإسلام على خمس شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان” رواه البخارى ومسلم.

وإن الإسلام بناء شامخ، بنى على خمس دعائم، إنها العبادات الشعائرية، مثل النطق بالشهادة، وأداء الصلاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا، وإن الإسلام منهج كامل لا تقطف ثماره إلا إذا أخذ بكامله فمن قال لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة، قيل وما حقها، قال أن تحجزه عن محارم الله، إذن مهما قلت لا إله إلا الله، وأنت غارق في المعاصى فلا جدوى من هذا النطق، والأصل أن تلتزم، وهذه هي الشهادة، أما الصوم، فإن الصوم عبادة، لكن تحتاج إلى التزام كي نقطف ثمارها، وكذلك الصلاة فالإنسان إن لم يستقم على أمر الله لم تنفعه صلاته، فصلاته يؤديها، ويسقط عنه الفرض، لكن لم ينتفع بها، ولم يقطف ثمارها، والدليل أن رجالا لهم أعمال كجبال تهامة يجعلها الله يوم القيامة هباء منثورا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى