مقال

الدكروري يكتب عن رمضان آداب وإلتزام وقرآن ” جزء 3″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن رمضان آداب وإلتزام وقرآن ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكــروري

ونكمل الجزء الثالث مع رمضان آداب وإلتزام وقرأن، ولقد أكرم الله عز وجل أمة الإسلام، فقد أكرمها بالقرآن الكريم، كما أكرمها بخاتم الرسل الكرام فأنزل الله تعالى كتابه الحكيم مصدقا لما قبله من الكتب السماوية ثم تكفل سبحانه وتعالى بحفظه وصيانته، وللقران الكريم يا أمة القرآن له فى نفس المؤمن مكانة ليس لأى كتاب على الإطلاق، فالقرآن الكريم هو كتاب الله المنزل على رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته، وكفى بذلك تعظيما في نفوس المؤمنين، فالمؤمن يعظم ربه ابتداء فيعظم بالتالي كل شيء يأتيه من عند ربه فكيف بكلام ربه؟ فإنه يكفى المؤمن شرفا أن يستشعر في قلبه أن الله تعالى يخاطبه شخصيا بهذا القرآن الكريم، وإنه لا يوجد في تاريخ البشرية كتاب نال من المكانة في نفوس أصحابه كما نال القرآن.

ولا يوجد كتاب قرئ وحفظ مثل هذا الكتاب، ولا عجب إن سماه الله تعالى القرآن، فهو الكتاب المقروء، ويقول الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة الإسراء ” إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا ” فمن تمسك به نجا من الفتن، فإنه روح المؤمن ونور هدايته، وأما عن قوله تعالى ” القرآن ” فإن القرآن هو اسم لكلام الله تعالى، وهو بمعنى المقروء، كالمشروب يسمى شرابا، والمكتوب يسمى كتابا، وعلى هذا قيل هو مصدر قرأ يقرأ قراءة وقرآنا بمعنى، قال الشاعر، ضحوا بأشمط عنوان السجود به يقطع الليل تسبيحا وقرآنا، أي قراءة، وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أن في البحر شياطين مسجونة أوثقها نبى الله سليمان عليه السلام يوشك أن تخرج فتقرأ على الناس قرآنا أى قراءة.

وفي التنزيل قوله تعالى ” وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا” أى قراءة الفجر، ويسمى المقروء قرآنا على عادة العرب فى تسميتها المفعول باسم المصدر، كتسميتهم للمعلوم علما وللمضروب ضربا وللمشروب شربا، ثم اشتهر الاستعمال فى هذا واقترن به العرف الشرعى ، فصار القرآن اسما لكلام الله، حتى إذا قيل القرآن غير مخلوق، يراد به المقروء لا القراءة لذلك، وقد يسمى المصحف الذى يكتب فيه كلام الله قرآنا توسعا، وقد قال صلى الله عليه وسلم “لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدو أراد به المصحف” وهو مشتق من قرأت الشيء جمعته، وقيل هو اسم علم لكتاب الله، غير مشتق كالتوراة والإنجيل، وهذا يحكى عن الشافعي والصحيح الاشتقاق في الجميع، فقال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة الشورى.

” وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم، صراط الله الذى له ما فى السماوات وما فى الأرض ألا إلى الله تصير الأمور ” ولقد رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم شكوى إلى الله كما قال تعالى فى سورة الفرقان ” وقال الرسول يا رب إن قومى اتخذوا هذا القرآن مهجورا ” وهذه الشكوى لها واقع ملموس في حياة المسلمين سواء من ظاهرة الهجر أو من الخسران الذي وقعوا فيه بسبب ترك العمل بهذا القرآن، فإن هجر القرآن الكريم له عدة صور منها هو ترك الإيمان به وعدم التصديق بما جاء فيه، وعدم تدبره وتفهمه، وترك العمل به، وعدم امتثال أوامره واجتناب زواجره، ومن هجرانه عدم تحكيمه فى جوانب الحياة كافة، ومن هجرانه عدم قراءته.

وعدم العناية بحفظه ونشره في العالمين، وإنه لما حرم المسلمون أنفسهم من هذا الكنز العظيم والدستور الكامل لجؤوا إلى قوانين البشرية المبنية على المصالح الفردية ووقعوا في الخلل والظلم والأمراض النفسية والهم والحزن وعدم فهم التاريخ وحقيقة عداوة الكفار والمشركين والمنافقين، وأما عن قوله تعالى ” هدى للناس” فإن هدى في موضع نصب على الحال من القرآن، أى هاديا لهم، وبينات عطف عليه، والهدى هو الإرشاد والبيان، أى بيانا لهم وإرشادا، والمراد القرآن بجملته من محكم ومتشابه وناسخ ومنسوخ، ثم شرف بالذكر والتخصيص البينات منه، يعني الحلال والحرام والمواعظ والأحكام، وبينات جمع بينة، من بان الشيء يبين إذا وضح، والفرقان ما فرق بين الحق والباطل، أي فصل، فهو الطريق الصحيح للحرية والكرامة، فهم نسوا الله فأنساهم أنفسهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى