مقال

الدكروري يكتب عن الإمام الليث بن سعد ” جزء 2″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام الليث بن سعد ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

وكما سمع الليث بن سعد من عمر مولى غفرة وعمران بن أبي أنس وعياش بن عباس القتباني وكثير بن فرقد وهشام بن عروة وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين وأيوب بن موسى وبكر بن سوادة، وأبا كثير الجلاح، والحارث بن يزيد الحضرمي وخالد بن يزيد وصفوان بن سليم وخير بن نعيم وأبا الزناد وقتادة ومحمد بن يحيى بن حبان ويزيد بن عبد الله بن الهاد ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم، وقد أدرك الليث بن سعد أكثر من خمسين تابعيا، ومائة وخمسين من تابعي التابعين، وقد التف حوله الكثير من طلاّب العلم، فروى عنه محمد بن عجلان وعبد الله بن لهيعة وهشيم بن بشير وعبد الله بن وهب وعبد الله بن المبارك وعطاف بن خالد وأشهب بن عبد العزيز القيسي وسعيد بن شرحبيل وسعيد بن عفير والقعنبي وسعيد بن أبي مريم وآدم بن أبي إياس وأحمد بن يونس وابنه شعيب ويحيى بن بكير وعبد الله بن عبد الحكم.

 

ويحيى بن يحيى الليثي ويحيى بن يحيى التميمي وأبو الجهم العلاء بن موسى وقتيبة بن سعيد ومحمد بن رمح ويزيد بن موهب الرملي وكامل بن طلحة وعيسى بن حماد زغبة وعبد الله بن صالح الكاتب وعمرو بن خالد وعبد الله بن يوسف التنيسي، كما روى عنه الحجين بن المثنى ومنصور بن سلمة ويونس بن محمد وأبو النضر هاشم بن القاسم ويحيى بن إسحاق البلخي وشبابة بن سوار وموسى بن داود حين زار بغداد في شوال عام مائة وواحد وستين من الهجرة، فحدّث بها روى عنه من أهلها، وكان لليث مجلسا يعقده كل يوم، ويقسمه إلى أربعة أقسام الأول للوالي يستشيره في حوائجه، فكان الليث إن أنكر من القاضي أو الوالي أمرا كتب إلى الخليفة فيأتي أمر العزل، والثاني لأهل الحديث، والثالث عام للمسائل الفقهية يُفتي السائلين، والرابع للناس ممن يسألونه المال فلا يرد أحدا مهما كبرت حاجته أو صغرت.

 

ولم يهتم الليث بن سعد بتصنيف المصنفات، فلم يصل لأيدينا سوى شذرات مما نقل من علمه أمثال كتابي عشرة أحاديث من الجزء المنتقى الأول والثاني من حديث الليث، الذي كان مضمونا في كتاب الفوائد لابن منده وجزء فيه مجلس من فوائد الليث بن سعد، وتحصّل الليث بن سعد على قدر كبير من العلم من خلال سماعه من تابعي عصره في مصر والحجاز والعراق، حتى قال ابن حجر العسقلاني في كتاب الرحمة الغيثية في الترجمة الليثية، إن علم التابعين في مصر تناهى إلى الليث بن سعد، كما ألمّ بفقه أبي حنيفة ومالك بل وكان على اتصال بمالك من خلال المراسلات، وكان الليث بن سعد في منهجه في الفتيا من أهل الأثر من كتاب وسُنة وإجماع لا من أهل الرأي، وخالف الليث فقه معاصره مالك بن أنس كثيرا خاصة فيما يتصل بآراء مالك الفقهية التي بناها على عمل أهل المدينة أحد أصول فقه مالك.

 

وقد فضّل الليث بن سعد الاعتماد في مذهبه الفقهي على ما صحّ عنده من الأحاديث، وإجماع الصحابة، وهو ما يتضح من رسالته إلى مالك التي قال فيها فإذا جاء أمر عمل به أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم بمصر والشام والعراق على عهد أبي بكر وعمر وعثمان لم يزالوا عليه حتى قبضوا لم يأمروهم بغيره، فلا نراه يجوز لأجناد المسلمين أن يُحدثوا اليوم أمرا لم يعمل به سلفهم من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم وكان من سمات مذهبه الفقهي رؤيته لوجوبية ما داوم النبي صلي الله عليه وسلم على فعله كالتشهد الأول بعد ركعتين في صلاة المغرب أو الصلوات الرباعية، كما كان يرى جواز تخصيص القرآن بالسُنة كرأيه في وجوب قراءة المأموم حتى وإن جهر الإمام لقول النبي صلي الله عليه وسلم “لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب” وهو في ذلك خصّص عموم قوله تعالى ” وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون”

 

ويرى الشيخ مصطفى عبد الرازق أن الليث بن سعد توجه بالحركة الفقهية إلى الناحية الخُلقية الروحية ويستدل على ذلك بكثرة ما روى الليث من أحاديث تتعلق بحُسن السلوك وكمال الخُلق، إلى جانب ما يتعلق بأحكام الحدود والمعاملات، وعلى الرغم من أن مالك بن أنس كان إماما لأهل الأثر، إلا أن الشافعي كان يرى بأن الليث بن سعد أتبع للأثر من مالك بن أنس، وكذلك كان رأي معاصريهما من الفقهاء الذين ألمّوا بفقه مالك والليث كسعيد بن أبي أيوب الذي قال لو أن مالكا والليث اجتمعا، كان مالك عند الليث أبكم، ولباع الليث مالك فيمن يزيد، في إقرار منه بأن الليث أفقههما، وقد تعرض مذهب الليث بن سعد للزوال بعد فترة وجيزة من وفاته، وهو ما يتبين من قول الشافعي المتوفي سنة مائتان وأربعة من الهجرة، أي بعد نحو ثلاثين عاما فقط من وفاة الليث، الليث أفقه من مالك، إلا أن أصحابه لم يقوموا به.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى