مقال

الدكروري يكتب عن الحلال والحرام في الشريعة الإسلامية ” جزء 3″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الحلال والحرام في الشريعة الإسلامية ” جزء 3″

بقلم / محمــــد الدكـــروري

 

فيقول النبى الكريم صلى الله عليه وسلم “خيركم قرنى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يكون بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن” متفق عليه، وفي لفظ “ثم يجيء أقوام، تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته” متفق عليه، وهو كناية عن التسرع فى الشهادة والحلف، والحرص عليهما ولو لم يطلب منه ذلك، ولكن عند الله يجتمع الخصوم، ويقضى بين الخلائق بالحق فقال تعالى “ونضع الموازين القسط ليوم القيامه فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردك أتينا بها وكفى بنا حاسبين” فليتق الله شهداء الزور، وليتوبوا إليه قبل أن يباغتهم الموت، فيصيروا إلى يوم يأخذ المظلومون فيه بتلابيبهم، فلا يدعوهم حتى يأخذوا حقهم حسنات، أو يطرحوا عليهم من سيآتهم ثم يُطرحوا في النار، فإن هذه الآفات الخطيرة، التى تعتبر من أعظم الأدواء التي تنخر في جسم الأمة الإسلامية.

 

وأيضا فإن هناك آفة خطيرة لا يقتصر أثرهاعلى آكل الحرام وحسب، وإنما ينسحب على المجتمع بالهلاك، والدمار، وخراب البيوت، إنها معضلة الخمور، التي غزت كثيرا من أسواقنا، ومجتمعنا إنها أم الخبائث، التي أغلظ فيها النبي صلى الله عليه وسلم الخطورة فقال”الخمر أم الخبائث، ومن شربها لم يقبل الله منه صلاة أربعين يوما، فإن مات وهي في بطنه، مات ميتة جاهلية” بل وإنه يرتقي الأمر إلى حرمان شارب الخمر من الجنة، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة، مدمن الخمر، والعاق، والديوث الذى يقر في أهله الخبث” رواه أحمد، ولا يقتصر جزاء المخمر على الحرمان من الجنة، بل يمتد ليُسام أشد العذاب، فقد روى مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن على الله عهدا لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال”

 

قيل يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال “عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار” فالخمرة تستهوى صاحبها حتى يصير عبدا لها، ولذلك قال النبى صلى الله عليه وسلم “مدمن الخمر كعابد وثن”رواه ابن ماجة، وقد يكون المعنى أن مدمن الخمر له من العذاب يوم القيمة كعذاب عابد الوثن، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم “شارب الخمر كعابد وثن، وشارب الخمر كعابد اللات والعزى” وقد قال عبد الله بن أبي أوفى “من مات مدمنا للخمر، مات كعابد اللات والعزى” قيل “أرأيت، مدمن الخمر، هو الذى لا يستفيق من شربها؟ قال “لا، و لكن هو الذى يشربها إذا وجدها ولو بعد سنين” فالخمر مفتاح الشرور كلها، مهلكة للنفس، وممحقة للمال، ومذهبة للصحة، ومخربة للمجتمع، فقال أبو الدرداء رضي الله عنه “أوصانى خليلى صلى الله عليه وسلم أن لا تشرك بالله شيئا وإن قطعت وحرقت، ولا تترك صلاة مكتوبة متعمدا، فمن تركها متعمدا فقد برئت منه الذمة، ولا تشرب الخمر، فإنها مفتاح كل شر” رواه ابن ماجة.

 

 

وليعلم الذين يجيزون كمية معينة تسمى بالمسموح به من الخمر، أن المشرع هو الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، الذي سوّى في التحريم بين الكثير والقليل، فقال صلى الله عليه وسلم “ما أسكر كثيره فقليله حرام” رواه ابن ماجة، ولم يقصر المسكر على الخمر فقط، بل كل ما يحدث الإسكار، كما قال صلى الله عليه وسلم “كل مسكر خمر، وكل خمر حرام” رواه مسلم، فهل يقابل هذا الوعيد الخطير بلذة زائلة، ومتعة فانية، إن كانت فعلا لذة ومتعة؟ وأيضا فإن هناك آفة أخرى من آفات أكل أموال الناس بترويج الأكاذيب المفتضحة، والأراجيف المستقبحة، عن طريق التأكل من جناية الكتابة الرخيصة، التي أبت إلا أن تأتى على ما تبقى من حصون المسلمين المنيعة، والصفوف الخلفية الحامية للشريعة، المتجلية في أعظم الرجال بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا وهم الصحابة الكرام، الذين لهج بهم الوحى، لما حفظوه لنا من الزيف والمين.

 

وجاهدوا في إيصاله لنا ببذل الغالى والنفيس، حتى صار بين أيدينا غضا طريا، كأنما أنزل بالأمس، إنهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي عدّلهم الله تعالى من فوق سبع سماوات فقال فى سورة التوبة ” والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه” وقال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم “خير الناس قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم” متفق عليه، وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون الأربعة، الذين بشرهم النبى صلى الله عليه وسلم بالجنة فقال “أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة” رواه أبي داود، قهذا هو الصحابى الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه، الذي لو وزن إيمانه بإيمان أهل الأرض لرجح بهم، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والذى قال فيه النبى صلى الله عليه وسلم”لو كنت متخذا من أمتى خليلا لاتخذت أبا بكر، ولكن أخى وصاحبى” متفق عليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى