مقال

الدكروري يكتب عن سر نهضة الأمم “جزء 2”

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن سر نهضة الأمم “جزء 2”

بقلم / محمــــد الدكــــروري

 

يحكى أن الشيخ شمس الدين الأصبهاني من حرصه على العلم وشحه بضياع أوقاته أنه كان يمتنع كثيرا من الأكل لئلا يحتاج إلى الشرب فيحتاج إلى دخول الخلاء فيضيع عليه الزمان، ويقول ابن عقيل الحنبلي تلميذ الحافظ الخطيب البغدادى إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة أو مناظرة، وبصري عن مطالعة، أعملت فكري في حال راحتي وأنا منطرح، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره، وإني لأجد من حرصي على العلم، وأنا في الثمانين، أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة، ويقول عبد الرحمن ابن الإمام أبي حاتم الرازي، ربما كان أبي يأكل وأقرأ عليه، ويمشي وأقرأ عليه، ويدخل الخلاء وأقرأ عليه، ويدخل البيت في طلب شيء وأقرأ عليه، فكانت ثمرة هذا المجهود وهذا الحرص على استغلال الوقت كتاب الجرح والتعديل في تسعة مجلدات وكتاب التفسير في مجلدات عدة.

 

وكتاب السند في ألف جزء، لهذا فتح الله لهم قلوبا غلفا وأعينا عميا وآذانا صما، فإذا كنت تريد اللحاق بهم فاعمل عملهم، فالله يسر لك سبل العلم والتقنيات الحديثة ما لم يصل إليه أحدهم، على أن هذا الحرص ليس قاصرا على المسلمين فقط، بل اهتم الغربيون به كذلك حتى نهضوا وتدموا به، فقد قرأت عن ألبرت إنشتاين، الفيزيائي الألماني الشهير، أنه من شدة حرصه على العلم والوقت كان لا يلبس الأقمصة بأكمام ذوات أزرار، لأن غلقها وفتحها يضيع عليه وقتا ثمينا في تحصيل العلم، وإن العلم أساس نهضة الأمة وقيام الحضارات فبالعلم تبنى الأمجاد، وتسود الشعوب، وتبنى الممالك، بل لا يستطيع المسلم أن يحقق العبودية الخالصة لله تعالى على وفق شرعه، فضلا عن أن يبني نفسه كما أراد الله سبحانه أو يقدم لمجتمعه خيرا، أو لأمته عزا ومجدا ونصرا إلا بالعلم، وما فشا الجهل في أمة من الأمم إلا قوض أركانها.

 

وصدع بنيانها، وأوقعها في الرذائل والمتاهات المهلكة، وكم هو شديد الوقع على النفوس أن يرى في الناس من شاب رأسه، ورق عظمه، وهو يتعبد الله على غير بصيرة وقد يصلى بعض الناس أربعين سنة، أو عشرين سنة، أو أقل أو أكثر وهو لم يصل في الحقيقة لأن صلاته ناقصة الأركان، أو مختلة الشروط والواجبات ومع ذلك لا يحاول تعلم أحكامها، بينما يُرى حريصا على دنياه ويكفي هذا دليلا على أن الله سبحانه وتعالى لم يرد به خيرا، ولو تعلم العلوم الدنيوية، وتبحر فيها؛ لأنها علوم معاشية فقط، لا تستحق مدحا ولا ذما، وقد وصف الله تعالى أصحابها بقوله تعالى فى سورة الروم ” يعلمون ظاهر من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون” وقال ابن كثير رحمه الله فهؤلاء ليس لهم علم إلا بالدنيا، وأكسابها، وشؤونها، وما فيها، فهم حذاق أذكياء في تحصيلها، ووجوه مكاسبها، وهم غافلون عن أمور الدين.

 

ويقول تعالى فى سورة الروم ” يعلمون ظاهر من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون” وقال ابن كثير رحمه الله فهؤلاء ليس لهم علم إلا بالدنيا، وأكسابها، وشؤونها، وما فيها، فهم حذاق أذكياء في تحصيلها، ووجوه مكاسبها، وهم غافلون عن أمور الدين، وما ينفعهم في الدار الآخرة، كأن أحدهم مغفل لا ذهن له، ولا فكرة، وقال الحسن البصرى والله ليبلغن أحدهم بدنياه أنه يقلب الدرهم على ظفره، فيخبرك بوزنه، وما يحسن أن يصلي فكيف تنهض الأمة في جميع مجالاتها بأمثال هؤلاء ؟ وإن الميراث الذي خلفه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم للأمة هو العلم، ومن عومل النهوض بالأمة في المجال العلمى، أن نهتم بالمعلم والمربي وأن نشكر جهوده، ونؤدي إليه بعضا من حقه، وأن نعرف له قدره واحترامه وفضله، وإن الغش ظاهرة خطيرة وسلوك مشين، والغش له صور متعددة، وأشكال متنوعة، ابتداء من غش الحاكم لرعيته.

 

ومرورا بغش الأب لأهل بيته، وغش الخادم في عمله وانتهاء بالغش في التعليم والامتحانات، وحديثي سوف يقتصر على الغش في الامتحانات، والذي أصبح يشكو كثير من المدرسين والتربويين من انتشاره وفشوه وهذا حق، فإن ظاهرة الغش بدأت تأخذ في الانتشار، ليس على مستوى المراحل الابتدائية فحسب، بل تجاوزتها إلى الثانوية والجامعة والدراسات العليا، فكم من طالب قدم بحثا ليس له فيه إلا أن اسمه على غلافه وكم من طالب قدم مشروعا، ولا يعرف عما فيه شيئا، فعلينا جميعا أن تعاون الجميع في مقاومة هذه الظاهرة ، كل بحسب استطاعته وجهده، فالأب في بيته ينصح أبنائه ويرشدهم ويحذرهم بين الحين والآخر ، والمعلم والمرشد في المدرسة والجامعة كل يقوم بالوعظ ، والإرشاد، وكذلك الداعية في خطبه ودروسه، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “من خرج فى طلب العلم فهو فى سبيل الله حتى يرجع”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى