مقال

الدكروري يكتب عن الموفون بعهد الله تعالي ” جزء 6″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الموفون بعهد الله تعالي ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

وهكذا فإن الوفاء بالعهد، وعدم نسيانه أو الإغضاء عن واجبه، خلق كريم، ولذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه بالمحل الأفضل والمقام الأسمى، والمكان الأشرف، فوفاؤه، كان مضرب المثل، وحق له ذلك، وهو سيد الأوفياء، ويتجلى لنا وفاء الرسول صلى الله عليه وسلم في صور كثيرة منها وفاؤه صلى الله عليه وسلم بالعهد لعدوه، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفي بالعهود والمواثيق التي تكون بينه وبين أعداء الإسلام، فثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لرسولي مسيلمة الكذاب لما قالا نقول إنه رسول الله “لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكما” وثبت عنه أنه قال لأبي رافع، وقد أرسلته إليه قريش، فأراد المقام عنده، وأنه لا يرجع إليهم فقال “إني لا أخيس بالعهد، ولا أحبس البرد، ولكن ارجع إلى قومك، فإن كان في نفسك الذي فيها الآن فارجع” وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رد إليهم أبا جندل للعهد الذي كان بينه وبينهم.

 

أن يرد إليهم من جاءه منهم مسلما” وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا وأبي حسيل، قال فأخذنا كفار قريش، قالوا إنكم تريدون محمدا؟ فقلنا ما نريده، ما نريد إلا المدينة، فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة، ولا نقاتل معه، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر، فقال صلى الله عليه وسلم “انصرفا، نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم” فكان هذا الخُلق الذي أمرنا به ربنا جل وعلا في كتابه العظيم، وعلى لسان نبيه وحبيبه محمد سيد الأنبياء وقائد المرسلين صلى الله عليه وسلم، هذا الخلق الذي فرط فيه كثير من المسلمين اليوم، إنه خلق الوفاء الذي هو صفة لازمة وخلق من أخلاق أصفيائه المتقين، ذكره الله تعالى في كثير من آيات كتابِه، توجيها لعباده بأهميتِه وضرورته، وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إن حسن العهد من الإيمان” رواه الطبراني.

 

وعن أنس بن مالك قال ما خطبنا نبي الله صلى الله عليه وسلم إلا قال “لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له” رواه أحمد، فالوفاء بالوعد أو العهد أدب رباني، وخلق كريم، وسلوك إسلامي نبيل، والوفاء بالعهد هو قيام المسلم بما التزم به سواء كان قولا أم كتابة، فإذا أبرم المسلم عقدا فيجب أن يحترمه، وإذا أعطى عهدا فيجب أن يلتزم به، فالعهد لا بد من الوفاء به، ومناط الوفاء أن يتعلق الأمر بخير أو معروف، وإلا فلا وفاء بعهد في عصيان، ولقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في سائر مكارم الأخلاق ومن ذلك الوفاء بالعهد، فكان صلى الله عليه وسلم يفي بعهده ولم يُعرف عنه في حياته أنه نقض عهدا قطعه على نفسه، ودلائل وفاء النبي صلى الله عليه وسلم ما شهد له به أعداؤه بأنه يفي بالعهود ولا يغدر، والحق ما شهدت به الأعداء، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال أخبرني أبو سفيان رضي الله عنه.

 

أن هرقل قال له سألتك ماذا يأمركم؟ فزعمت ‏”‏أنه يأمركم بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة، قال وهذه صفة نبي” رواه البخاري، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على صفة الوفاء بقوله “المسلمون عند شروطهم” رواه أبو داود، فإن الوفاء ليس شعارا يُرفع، ولا كلمة تقال، ولكنه خلق لا يتحقق إلا إذا أتى به المسلم في حياته وواقعه، وتحمل في سبيله كل شيء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى