مقال

الدكروري يتكلم عن دواعي إستمرار الحياة الزوجية 

جريدة الاضواء

الدكروري يتكلم عن دواعي إستمرار الحياة الزوجية

بقلم / محمــــد الدكــــروري

 

لقد وضع الإسلام عدة توجيهات لتكوين الأسرة المسلمة وهو أن يحسن كل واحد منهما اختيار الآخر، فيجب أن نبحث عن الدين، فهو المعيار الأهم، ويفهم هذا المعيار من زاويتين، فالزاوية الأولى وهي الإسلام فتقدم المسلمة على الكتابية رغم جواز الزواج من الكتابيات، فالأولى هو الزواج من المسلمة لما لذلك من دواعي استمرار الحياة الزوجية حيث الدين الواحد والعادات المتقاربة المكتسبة من الدين، ويفهم هذا من قوله تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم” وقد يقول قائل إن هذه الآية في المشركات وليس في الكتابيات، وهذا صحيح ولكن أهل الكتاب قد دخل الشرك في عقائدهم، وقد أباحت الآية الزواج من أهل الكتاب على خلاف القياس، فينبغي عدم التوسع في الزواج منهن، انسجاما مع مجموع النصوص الداعية إلى مراعاة عنصر الدين في اختيار الزوجة.

 

كما أن عقائد أهل الكتاب لا تخلو من الشرك، وأما عن الزاوية الثانية وهي الدين ويقصد به هنا التدين أي التقرب إلى الله بالتزام أوامره واجتناب نواهيه، حيث قال الله تعالى في وصف الزوجة الصالحة كما جاء في سورة النساء ” فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله” فالآية تشير إلى عنصر الصلاح عند المرأة وما يؤديه ذلك من محافظتها على حق زوجها وماله وعرضه الذي هو عرضها، وهنا ما يجب الإنتباه إليه في هذه الآية وهو أن الله تعالى قد حفظ الزوجات من الوقوع في الحرام، وهي فطرة الله تعالى في النساء، فالمرأة بطبيعتها ليست كالرجل إذ أن طبيعته الإندفاع أما المرأة فطبيعها الإحتجاز، وهذه الطبيعة في المرأة لا تفارقها إلا إذا فقدت عنصر الحياء وهو علامة الإيمان الظاهرة، الآية واضحة الدلالة في ذلك فإن كانت صالحة قانتة فهي حافظة لحق زوجها بسبب حفظ الله لها من الوقوع في الحرام.

 

وقد أشار الحديث الشريف إلى ما يدعو لنكاح المرأة بشكل عام فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك” وفي الحديث تأكيد على ضرورة اعتبار عنصر الدين في اختيار الزوجة، حيث يغفل عنه الناس عادة لإنشغال النفس بمراعاة الدواعي الأخرى، وإذا كان اختيار الزوجة الصالحة من أهم عناصر ديمومة الحياة الزوجية، فإن اختيار المرأة للرجل الصالح أكثر أهمية لما يترتب على سوء اختيار الرجل من معاناة للمرأة وهضم لحقوقها، ونفهم هذا من قوله تعالى كما جاء في سورة البقرة ” ولا تنكحوا المشركين حتي يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعوا إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون” وفي هذه الآية بيان أن التفاضل يكون في الإسلام أولا.

 

والآية التالية تبين أن التفاضل بين المسلمين يكون بالقرب من الله والتقوى حيث قال تعالى فى سورة الحجرات ” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير” وقد بين النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أن المرأة المسلمة إذا أرادت الزواج، فلا بد لها من أن تقبل بالرجل الصالح، فقال ” قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض” وإن رفض الرجل مع كونه صالحا يدل على تغير الموازين والقيم التي أراد الإسلام إرساءها في المجتمع المسلم، وهو ما عبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ” إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض” فإن صلاح الرجل هو سياج للمرأة في كل حالها، فإن أحبها أكرمها، وإن كرهها لم يظلمها.

 

وهو في كلا الحالتين لا تجنح نفسه إلى حرام فيبقيها كالمعلقة، استجابة لقوله تعالى كما جاء في سورة البقرة ” فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان” وكذلك أيضا فإن هناك الإختيار من أجل المال، وإن كون المرأة من ذوات المال قد يشجع البعض على الزواج منها، وقد أشار إلى ذلك الحديث السابق باعتباره مألوفا بين الناس وعادة، والإسلام لا يرفض مثل هذا التوجه إلا إذا كان على حساب ما نص الشرع على تفضيله وهو الدين، فلا ينبغي الإغترار بالمال ونسيان الصفة الأهم. وكثير من الآيات والأحاديث تحذر من الإغترار بالأموال على حساب الدين وهذه الآيات والأحاديث عامة في كل حال، قال تعالى كما جاء فى سورة التوبة ” ولا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها فى الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون” وهذه الآية نزلت في المنافقين خاصة، ولكنها عامة في معناها.

 

إذ لا ينبغي أن يعجب الإنسان بصاحب المال عند غياب الإيمان والعمل الصالح، وكذلك أيضا فإن من الإختيار هو الإختيار من أجل الحسب، وقيل أن الحسب هو الكرم، والحسب هو الشرف الثابت في الآباء، وقيل هو الشرف في الفعل، والحسب المعتبر بالحديث هو فعال الشخص خاصة، فقد ورد في الحديث الشريف فقال صلى الله عليه وسلم “كرم المؤمن دينه ومروءته عقله، وحسبه خلقه” ولقوله صلى الله عليه وسلم ” ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه” ورب قائل يقول إذا كان الحسب هو الدين فلماذا ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذكر الدين؟ قلت إن الحسب هو الفعال الظاهرة التي لا تخفى، فيُعرف بها الإنسان، وليس كل صاحب دين هكذا، فلربما كان صاحب الدين مكتفيا بنفسه لا صلة له بمجتمعه، فلا يبادر بكونه عنصرا فاعلا في مجتمعه، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن المقصود بالدين في حديث.

 

“تنكح المرأة لأربع….” وكون المرأة مسلمة غير كتابية كما فصلنا سابقا، وإذا كان الحسب بمعنى الشرف الثابت في الآباء فهل يصح معيارا للإختيار ؟ وإن بلا شك إذا لم يتعارض مع حسب الشخص نفسه فإن اجتمع حسبه وحسب آبائه فإن ذلك أفضل وأفضل، وأيضا فإن من الإختيار هو الإختيار من أجل الجمال، ويقال بأن الإنسان بطبيعته يعشق الجمال ويهواه، ويشعر دائما في قراره نفسه بأنه فاقد لشئ من ذاته إذا كان الشئ الجميل بعيدا عنه، فإذا أحرزه واستولى عليه شعر بسكن نفسي، وارتواء عاطفي وسعادة، ولهذا لم يسقط الإسلام الجمال من حسابه عند اختيار الزوجة، فيقول صلي الله عليه وسلم “إن الله جميل يحب الجمال”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى